[الأسلحة التي نواجه بها الشيطان]
هذه أسلحة الشيطان التي يهاجمنا بها، ومن فضل الله علينا أن أعطانا أسلحة مضادة لهذه الأسلحة، ومن أعظمها قوله تعالى: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} [الأعراف:٢٠٠]، فالجأ إلى الله، واعتصم به، وتوكل عليه: (وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [آل عمران:١٠١].
وقد جاء في الأثر أن الله يقول: (وعزتي وجلالي! ما اعتصم بي عبد من عبادي وكادته السماوات والأرض إلا جعلت له من بينها مخرجاً)، فمن اعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا استعنت فاستعن بالله، وإذا سألت فاسأل الله)، وقال يوسف عليه السلام حين هاجمته النساء من كل مكان {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ * فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [يوسف:٣٣ - ٣٤].
وقال الله للشيطان: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ) [الحجر:٤٢]، وقال: {إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ} [النحل:١٠٠] وهم الذين يقودهم كما يقود الرجل الشاة والبعير، وهكذا يفعل الشيطان بكثير من أوليائه.
ومن أعظم الأسلحة التي نرد بها كيد الشيطان: ذكر الله تعالى، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مثل الذي يذكر الله كمثل رجل فر من قوم ثم دخل إلى حصن فتحصن به)، فذكر الله تبارك وتعالى حصن للمسلم في صباحه ومسائه.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أنزلت علي اليوم سورتان ما رأيت أعظم منهما قدراً: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق:١] و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [الناس:١])، فكررها صباحاً ومساءً.
ثم إن من أعظم ما نستطيع أن نعتصم به عن الشيطان: معرفة أساليب الشيطان التي ذكرناها، ونتذكر حين يخطو بنا خطوة تلو الخطوة أن هذا من مكر الشيطان ومن أساليبه، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} [النور:٢١]، {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف:٢٠١].
وقد زين لقريش من قبل حتى دمرهم الله كما قال تعالى: {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ} [الأنفال:٤٨].
وسيخطب الشيطان في أهل النار خطبة عظيمة، ويخطب في الذين أضلهم فناموا عن الصلوات، واقترفوا المحرمات، وملئوا آذانهم بالأغاني والشهوات، وماتوا دون إعلان التوبة وإظهار المسكنة والاستغفار لله، وقد قال الله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ * إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فاطر:٥ - ٦]، وقال الله: {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [إبراهيم:٢٢].
فاتقوا الله -عباد الله- واتخذوا الشيطان عدواً كما قال الله تبارك وتعالى: ((إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا))، وهل من المعقول أن نصاحب الأعداء؟! وهل من المعقول أن نسمع كلام العدو؟! فاتقوا الله عباد الله! قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله.
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يعصمني وإياكم من الشيطان، وأن يجعلنا هداة مهتدين، لا ضالين ولا مضلين.
اللهم إنا نعوذ بك من همزات الشيطان، ونعوذ بك ربنا أن يحضرون.
اللهم احفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا، وعن أيماننا وعن شمائلنا، ونعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا.
اللهم اجعلنا من الذين هم على صلاتهم دائمون، ومن الذين هم على صلاتهم يحافظون، ومن الذين هم في صلاتهم خاشعون.
اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.
اللهم احفظنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين! اللهم انصر المجاهدين في سبيلك الذين يقاتلون من أجل إعلاء كلمة دينك، اللهم انصرهم في كل مكان، في فلسطين والشيشان، وفي العراق وأفغانستان، اللهم كن لهم عوناً وظهيراً ومؤيداً ونصيراً، وانصر من نصرهم، واخذل من خذلهم، وقوَّ عزائمهم، واربط على قلوبهم.
اللهم اكبت عدوك وعدونا من اليهود والنصارى والمنافقين يا عليم يا خبير يا قوي يا عزيز! عباد الله! {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل:٩٠]، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم.