قد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم كيف يكون التعامل مع الدنيا، فقال-بأبي هو وأمي-: (ما لي وللدنيا؟ ما أنا والدنيا إلا كمثل راكب استظل في ظل شجرة ساعة ثم راح وتركها).
وقال لـ ابن عمر رضي الله تعالى عنهما:(كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل).
والغريب هو الذي لا مال له، ولا وطن له، ولا أهل له، فهو يشتاق دائماً إلى لقاء أهله، والعودة إلى دياره ووطنه، هكذا حال الغريب، قال ابن القيم رحمه الله: وقد زعموا أن الغريب إذا نأى وشطت به أوطانه فهو مغرم وأي اغتراب فوق غربتنا التي أضحت لها الأعداء فينا تحكم فحي على جنات عدن فإنها منازلنا الأولى وفيها المخيم ولكننا سبي العدو فهل ترى نعود إلى أوطاننا ونسلم وإن من صفات الغريب أنه لا يتطاول في البنيان، ومتاعه قليل، وزاده قليل، وأخذه من الدنيا قليل؛ لأنه على سفر، ولكن انظر في حالنا! وانظر إلى تطاول الناس في البنيان وقد قال أبو حامد الغزالي رحمه الله: والمقصد من البنيان جدران أربعة تضم الصغير والكبير، تحميهم من حر الصيف وبرد الشتاء، ومن أعين الناس.
فالتعلق بالدنيا هو من أسباب طول الأمل، فإذا أنس الإنسان إلى الدنيا تعلق بها وبما فيها، وإذا ذكر الموت كان ذكر الموت من أصعب الأشياء عليه؛ لأنه يقطع عليه لذاته وشهواته.