إن الله سبحانه يري العباد الآيات في أنفسهم، وسيريهم الآيات في السماوات وفي الأرض، وأي خطب أعظم وأجل من ذلك اليوم الذي تكون فيه الأرض في قبضة الجبار قال سبحانه:((وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ))، وهنالك سيعرف أولئك الذين ما قدروا الله حق قدره أنهم كانوا خاطئين، فإن الله سيريهم في ذلك اليوم من الآيات العظام ما الله به عليم.
وكل خطب عظيم تسبقه أمور عظام، لذلك من حكمته جل في علاه ومن رحمته بنا أن جعل لذلك اليوم علامات تدل على وقوع ذلك اليوم العظيم، وهي أمارات صغار وأمارات عظام.
فأما العلامات الصغار فقد ظهرت إلا قليلاً منها، قال الله:{فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ * فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ}[محمد:١٨ - ١٩].
والحقيقة التي يجب ألا تغفل عنها أننا في هذه الدنيا ضيوف وعما قليل سينادي المنادي بالرحيل، فأما الذين قدروا الله حق قدره فهم على أتم الاستعداد ليوم الرحيل، وأما المفرطون الذين لم يقدروا الله حق قدره فليلهم ونهارهم سواء، قال الله عنهم:{ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}[الحجر:٣].
يا عجباً للناس لو أبصروا حاسبوا أنفسهم إذا قصروا وعبروا الدنيا إلى غيرها فإنما الدنيا لهم معبرُ لا فخر إلا فخر أهل التقى غداً إذا ضمّهم المحشرُ ليعلمنّ الناس أن التقى والبر كانا خير ما يُذْخرُ فمن قدر الله حق قدره فليستعد لذلك اليوم.