رجع المسلمون من أحد بجراحات وآلام، وفقدوا من فقدوا، وجرح حبيبهم، وصنع بهم العجب العجاب، فجاءت الأخبار أن أبا سفيان لما قطع نصف الطريق، قيل له: ترجع ولم تستأصل شأفتهم؟ ما صنعتم شيء! محمد حي صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر حي، وعمر حي فماذا صنعتم؟ وأين الانتصار الذي حققتموه؟ فأرادوا الرجوع، فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم بالخبر أمر من حضر المعركة أن يستعد للخروج مرة ثانية، ولك أن تتخيل الموقف، هم مليئون بالجراحات وبالهموم، وأصابهم ما أصابهم ذلك اليوم، وقتل منهم من قتل، ومع ذلك قال:(لا يخرج معي إلا من خرج بالأمس)، وخرجوا إلى حمراء الأسد، فأنزل الله فيهم:{الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ * الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ * إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}[آل عمران:١٧٢ - ١٧٥].