فكلنا نحتاج إلى الاستغفار حتى الأموات، تقول عائشة:(لما كانت ليلتي انقلب النبي صلى الله عليه وسلم وهو عندي فوضع رداءه، وخلع نعليه فاضطجع، تقول: لما ظن أني رقدت أخذ رداءه رويداً، وانتقل رويداً وفتح الباب فخرج ثم أجافه رويداً، تقول: فاختمرت وتبعته) أي: تبعته عائشة رضي الله عنها لأنها كانت تحبه حباً جماً، وكانت تغار عليه غيرة لا يعلمها إلا الله، ولكنها لا تلام، فالذي بين يديها هو سيد البشر، فهي لا تلام في حبه؛ لأنه سيد البشر، تقول:(اختمرت وتبعته، حتى جاء البقيع فقام فأطال القيام، ثم لما انتهى انحرف فانحرفت، فأسرع فأسرعت، وهرول فهرولت، تقول: فتبعني إلى غرفتي فقال لها: لتخبرنني أو ليخبرنني اللطيف الخبير، فاعترفت، قال: فأنت السواد إذاً، تقول: فلهزني في صدري لهزة أوجعتني، وقال لها: أظننتي أن يحيف الله عليك ورسوله؟ -أي: تظنين بأني سأخرج من عندك حتى أذهب إلى إحدى نسائي؟! إن جبريل أتاني فناداني، ولم يكن ليدخل عليك وقد وضعت ثيابك، فظننت أنك رقدت، فكرهت أن أوقظك، وقال لي: إن ربك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم؟ قلت: كيف أقول لهم؟ قال: قل: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون) فالأموات أيضاً يحتاجون إلى الاستغفار ويحتاجون إلى من يدعو لهم ويستغفر لهم، وثق تمام الثقة أنك إذا دعوت لهم فإن الله سيقيض لك من يدعو لك إذا وسدت في التراب، وفارقك الأهل والأحباب.