الشاب المستقيم طاهر القلب، سليم الصدر، يشع وجهه بالنور، وتكسوه لحية وهبها أحسن الخالقين إليه؛ كي تكون علامة فارقة وسمة تميزه عن غيره من الغافلين، وأما الآخر فخبيث النفس، ضيق الصدر، معتم الوجه، يسعى جاهداً لتغيير خلق الله، دائماً يبحث عن السعادة المزعومة فلا يجدها، فأيهما خير؟ والشاب المستقيم يلجأ إلى الله في كل حين مستيقناً قلبه قائلاً {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ}[الفاتحة:٥ - ٧].
والآخر يتوجه إلى غير الله من المخلوقات والجمادات، فيدعوها ويستعينها ويستهديها، ويوالي من حاد الله ورسوله، ويتبرأ من أهل الخير، وينعتهم كما نعتهم به أسياده من التزمت والرجعية والإرهاب والتطرف، فمثله كمثل الإمعة، {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ}[الفرقان:٤٤]، فأيهما خير؟ والشاب المستقيم يزاحم إخوانه عند أبواب المساجد وبين أيدي العلماء، ويتعلم العلم النافع، ويتقرب إلى الله بحب الدعاة والعلماء، وأما الآخر فإنه يزاحم أقرانه عند أبواب المجمعات والأسواق والجسور المهلكة؛ بحثاً عن السعادة:{نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ}[التوبة:٦٧]، فأيهما خير؟ والشاب المستقيم تسمعه يقول لإخوانه: جزاك الله خيراً، وزوجك بكراً، وبارك الله فيك، ولا تنسنا من صالح الدعاء، ورحمك الله ووالديك، وأما الآخر فلسانه دائماً يقذف بالشرر من اللعن والسباب ونابي الألفاظ، وأسماؤهم وأنعاتهم: أبو غضب وأبو عاصي والمحروم والمجرم وهلم جراً، والصفة تتبع الموصوف، فأيهما خير هذا أم ذاك؟ والشاب المستقيم منتج للمجتمع، فهو يفشي السلام، ويطعم الطعام، ويصل الأرحام، ويقيم حقوق الجيران، فهو لا يقف أمام مصالح المسلمين، فلا يسد باباً، ولا يعترض مرئاباً للسيارات، ويبتسم في كل حين من أثر السعادة التي غمرت قلبه، وانعكست على جوارحه، ويحافظ على أنظمة المرور من باب طاعة ولاة الأمور، وشعاره: اجعل المكان كما كان أو أحسن مما كان، لا يعرف معنى الفراغ، فهو كالنحلة لا يكل ولا يمل في العمل لهذا الدين، فهو كالنور والزهر والماء والهواء للمجتمع.
وأما الآخر فهو أداة تخريب وهدم ودمار للمجتمع، فهو لا يفعل مما سبق ذكره، بل يملأ الشوارع تفحيطاً وتجديعاً، ومخالفة للأنظمة، وإضراراً بالآخرين، ولا يعرف معنى الوقت ولا معنى الحياة، ودائماً يردد: الحياة ملل في ملل، فهو كالحنظلة للمجتمع، وهو صفراً على الشمال، بل الشمال على الصفر له قيمة في بعض الأحيان.
والشاب المستقيم أفضل من يبر بوالديه، ويحترم إخوانه، فيوقر الكبير، ويرحم الصغير، وأما الآخر فعباراته لوالديه: أف وآه، واللهم طولك يا روح، وكلمات كلها تجرح الوالدين، وهو أناني لا يحب إلا نفسه، ولا يقضي إلا حاجاته، فأيهما خير هذا أم ذاك؟ والشاب المستقيم قدوته النبي صلى الله عليه وسلم، والصحابة الأطهار، والعظماء الفاتحين، وأما الآخر فقدوته في هذه الدنيا اللاعب الفلاني، والمغني فلان، بل بعضهم قدوته من الكفار، نسأل الله العفو والعافية، فأيهما خير؟ والشاب المستقيم يكتم شهواته بالصيام، والصلاة والقيام، وخدمة الإخوان، وأما الآخر فيفتح شهواته بالإنترنت والفيديو والشوارع والأسواق وغير ذلك من أنواع المحرمات، فأيهما خير؟ والشاب المستقيم يذكر الله كثيراً، وهو مبارك أينما حل، ومبارك في زوجه وفي ماله وفي ولده، وأما الآخر فلا يذكر الله إلا قليلاً، وقد محقت بركة رزقه وبركة أولاده، بل حتى البركة في نفسه ووقته، فالله المستعان.
لكن قل لي: أيهما خير هذا أم ذاك؟ والشاب المستقيم يحمل هم الأمة، فيدعو لها، ويعمل لنصرتها، وهو بعيد النظر في التفكير، ودقة في التحليل، ودائماً يفكر في معالي الأمور، وأما الآخر فيحمل هم بطنه وهم شهوته، ولا يدري من هو ولا إلى أين يسير، فمثله في الدنيا: مع الخيل يا شقراء، وحشر مع الناس عيد، وأكبر همه كل سافل وحقير.
والشاب المستقيم إذا مات مات ميتة كريمة، فينطق لسانه بالشهادة، ويشع وجهه نوراً، ولعلك تشم منه رائحة المسك، وقد لا يتعفن، فهو يدعو الله أن يرزقه الشهادة في سبيل الله آناء الليل وأطراف النهار، (من طلب الشهادة بحق بلغه الله مرتبة الشهداء وإن مات على فراشه)، وأما الآخر إذا مات مات ميتة حقيرة، فتسحب روحه سحباً، وتقطع بها أحشاؤه، ولا يستطيع النطق بالشهادة، كالح الوجه، منتفخ ثقيل، لا يترحم عليه أقرانه في الدنيا، ولا يذكرونه بخير.
وكم سمعنا عن شباب ماتوا في الحمامات، وبعضهم في أحضان المومسات على سكر ومخدرات، فأي الفريقين تريد؟ وأيهما خير هذا أم ذاك؟ وماذا تنتظر؟ وكثير من الشباب ينتظر مصيبة تحل على رأسه، وكثير من الشباب اغتر بإمهال الله له، فينتظر مصيبة تحل على رأسه أو قارعة تصيبه في أهله حتى يرجع إلى الله، وما يدريك لعلها إن حلت المصيبة أو القارعة أنها تكون القاضية.