للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[القرآن هو سر انتشار الإسلام في أصقاع الأرض]

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:١٠٢].

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:١].

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب:٧٠ - ٧١].

أما بعد: فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

معاشر الأحبة! بالأمس القريب كنت في وليمة غلام صغير أتم حفظ كتاب الله تبارك وتعالى، وهذا والله لهو الشرف العظيم، فقد أتم حفظ كتاب الله تبارك وتعالى ولم يتجاوز الخامسة عشرة من العمر.

والوليمة التي تقام لحافظ القرآن الصغير تسمى: حذاقة، من حذق الشيء، أي: مهر بالشيء، ويوم الوليمة يسمى يوم الحذاقة.

ولما انتشر نور الإسلام يمنة ويسرة وتجاوز حدود هذه الجزيرة في غضون سنوات قصيرة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم؛ أخذت فارس والروم تتحدث: ما السر العجيب الذي غير حياة هؤلاء الأعراب؟! وما السر العجيب الذي نقل هؤلاء الأعراب الذين كانوا يتقاتلون ويتناحرون فيما بينهم إلى هذه الوحدة والتآلف؟! ما الذي غير حياتهم في سنوات قليلة؟! فوجدوا أن السر هو القرآن، وجدوا أن سر قوة هذه الأمة هو كتاب الله تبارك وتعالى، هذا الكتاب الذي تكفل الله بحفظه من التحريف والتغيير والتبديل كما قال سبحانه: {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت:٤٢].

فتعال معي في دقائق معدودة لننظر كيف صنع هذا القرآن الأبطال؟ وكيف صنع هذا القرآن أولئك الرجال؟ وكيف غير مجرى حياتهم رأساً على عقب، فنقلهم من الذل إلى العزة، ومن الضياع إلى التمكين، ومن الفرقة إلى الوحدة والاتحاد.