يسر مؤسسة الوقف الإسلامي أن تدعوكم إلى دعم مشروع وقف الأرض والمقام بالمدينة المنورة، والذي يبعد (٣٠٠) متر فقط، ويتكون من اثني عشر طابقاً، وهو بكلفة إجمالية تصل إلى (٣٦) مليون ريال، ويصرف هذا المشروع على المطلقات والأرامل والأيتام، فهذا هو الزاد الذي ننجو به في ذلك اليوم، {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عند الله}[البقرة:١١٠]، فبالصدقات نستظل في ظل العرش في ذلك اليوم، وبالصدقات نرى من الأجور ما الله به عليم.
فأدعو نفسي وإياكم إلى المشاركة في هذا الوقف، فإذا مات ابن آدم انقطع عمله، وستبقى هذه الصدقة الجارية تجر عليه الحسنات حتى يلقى الله.
وحساب الرقم:(٧٢٠٣) فرع (٢٧٩)، فلا تتأخروا في دعم إخوانكم ودعم مشاريع الخير، وقد كنا بالأمس نتذاكر الجمعيات الخيرية الباطلة في بلاد الكفر، وقد بلغت في إحدى الإحصائيات: مليوناً وخمسمائة جمعية، وكلها تحارب الإسلام والمسلمين، وشعارهم في رسائلهم: ادفع دولاراً لمحاربة الإسلام والمسلمين فيدفعون، وأنا أقول: ادفعوا لنصرة الإسلام ونصرة المسلمين، فالإسلام اليوم في أمس الحاجة لأبنائه وتكاتفهم مع بعضهم البعض، ولا يخفى عليكم ما يجري لإخواننا هنا وهناك، ولا يخفى عليكم الحصار الذي حوصرت به العراق وفلسطين والشيشان وكل بقاع المسلمين، فنريد أن نحيي قضية الجسد الواحد الذي إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، ونريد نحيي قضية:(المؤمن للمؤمن كالبنان أو كالبنيان وشبك بين أصبعيه)، فهل تظن أن الذي يجري هناك بسبب ذنوبهم هم؟ لا، بل هو بسبب تقصيري أنا وأنت، وبسبب ذنوبنا نحن، فإن نحن قصرنا ونحن جسد واحد ابتُليت قطعة من الجسد بالبلاء، فكل ما تستطيع أن تقدمه لهم فافعله، {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة:٢٨٦]، وأبسط ما نستطيع أن نقدمه لهم هو أن ندعو لهم، العراق ليست بمأساتنا الأولى ولا بمأساتنا الآخرة: هاهو الأقصى يلوك جراحه والمسلمون جموعهم آحاد يا ويحنا ماذا أصاب رجالنا أَوَما لنا سعد ولا مقداد وربما قد حيل بيننا وبين أشياء لكننا نستطيع أن نفعل أشياء أخرى، فنستطيع أن نفعل بإذن الواحد الأحد بثبات الفرد أشياء كثيرة، فبثبات الفرد يغير الله مجرى أمم، وبثبات آحاد تثبت أمم وتثبت جماعات، فاثبت على صراط الله المستقيم، وأريدك أن تسعى إلى أن تكون مجاهد دعوة، وأريد منك أن تسعى إلى أن تصل إلى درجة تجاب فيها دعوتك حتى إذا قلت: يا رب! قال الله: لبيك وسعديك، فالأمة تنصر بأوليائها، فالمنتسبون إلى الدين كثير لكنهم لم يبلغوا رتبة الولاية، تلك الرتبة التي قال الله عنها في الحديث القدسي:(من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب)، فلم نصل إلى تلك الرتبة؛ لأننا لم نصدق مع الله كما صدقوا، فقد وقف ابن الحضرمي على مياه الخليج وقد فرت سفن الروم، فقال لجيشه -وكان أبو هريرة في ذلك الجيش-: توضئوا، فتوضئوا وصلوا، ثم دعا وقال: يا حي يا قيوم، يا محيي يا مميت، يا ربنا يا رب كل شيء! ثم أمر جيشه وقال: خوضوا البحر، يقول أبو هريرة: والله! لقد خضناه فما ابتل حافر حصان لنا، فلما أرادوا الرجوع قال لهم: ارجعوا من حيث أتيتم، فرجعوا من نفس الطريق.
فلما سخّروا أنفسهم لله سخّر الله لهم كل شيء، كانوا هم قد استطاعوا فنحن أيضاً نستطيع، وإن كانوا قد فعلوا فنحن أيضاً سنفعل، لكن المطلوب مننا أن نصدق كما صدقوا، فقد جعلوا حياتهم وقفاً لله كما أمر الله.
{قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الأنعام:١٦٢]، اللهم انصر إخواننا في العراق وفلسطين والشيشان وكشمير والفلبين وأفغانستان والسودان والصين وإيران وفي كل مكان، اللهم كن لهم عوناً وظهيراً ومؤيداً ونصيراً، اللهم انصر من نصرهم، واخذل من خذلهم، اللهم اربط على قلوبهم، وأفرغ عليهم صبراً، وثبت الأقدام، اللهم سدد رأيهم ورميهم، واجمع كلمتهم على الحق يا رب الأنام! اللهم إنهم قلة فكثرهم، وحفاة فاحملهم، وجياع فأطعمهم، وخائفون فأمنهم، ومظلومون فانتصر لهم، اللهم مكن لهم دينهم الذي ارتضيت لهم، اللهم بدلهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونك لا يشركون بك شيئاً، وتكفل بأيتامهم، وصن أعراضهم، واحقن دمائهم، وأطعم جياعهم، واشف مرضاهم، وتقبل موتاهم، وتقبل شهدائهم، وفك أسرانا وأسراهم يا رب العالمين! اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، اقلب أرض الفلوجة على الكفار ناراً، وسمائها شهباً وإعصاراً، اللهم أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً، لا تدع لهم قوة على الأرض إلا دمرتها، ولا قوة في البحر إلا أغرقتها، ولا قوة في السماء إلا أسقطتها، اللهم خالف بين كلمتهم، وشتت رأيهم ورميهم، وخالف بين قلوبهم، اللهم سلط عليهم ما خرج من الأرض، وما نزل من السماء، اللهم اجعل رقابهم غنيمة للمجاهدين يا رب العالمين! اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك يا قوي يا عزيز! اللهم لا ترفع لهم في بلاد المسلمين راية، ولا تحقق لهم في بلاد المسلمين غاية، واجعلهم لمن خلفهم عبرة وآية، اللهم أخرجهم منها أذلة صاغرين، اللهم عليك بهم وبمن عاونهم فإنهم لا يخفون عليك ولا يعجزونك يا قوي يا عزيز! اللهم إننا حيل بيننا وبينهم فلا تحرمنا أجرهم يا غفور يا رحيم! اللهم إننا ليس لدينا لهم إلا الدعاء فلا تردنا خائبين، اللهم يا رحمان السموات والأرضين! ارحم ضعفنا وضعفهم، وتقصيرنا وتقصيرهم، واجبر كسرنا وكسرهم، وأعز الإسلام والمسلمين، واجمع كلمتهم على الحق يا رب العالمين! وآمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك، واتبع رضاك يا رب العالمين! ربنا عليك توكلنا، وإليك أنبنا، وإليك المصير.
أستغفر الله العظيم، وصلى الله على محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.