يقول الذي شهد مشهد الشباب على الأغاني: بعد حين شهدت مشهداً آخر: شاب في مقتبل العمر تعطلت سيارته تحت نفق من الأنفاق، فنزل لإصلاح العطل، فجاءت سيارة فارتطمت به من الخلف، وسقط على الأرض، وتكسرت عظامه، وسالت دماؤه! يقول: أسرعنا إلى مكان الحادث، جئناه فإذا هو في حال لا يعلمها إلا الله، حملناه في السيارة، ويظهر على مظهره الالتزام، فإذا هو يهمهم بأصوات وكلمات لم نميزها حتى وضعناه في الكرسي الخلفي من السيارة، وعندما انطلقنا تبين لنا ذلك الكلام الذي كان يهمهم به، كان يقرأ القرآن بصوت عذب ندي، ما سمعنا أجمل من ذلك الصوت، هو يقرأ ونحن نبكي.
أقول في نفسي: سبحان الله ما كأنه تكسرت عظامه، فقلت في نفسي: ألقنه الشهادة، فأنا صاحب خبرة من المواقف الماضية، يقول: فجأة بدأ صوته يخفت شيئاً فشيئاً، فالتفتُ إلى الخلف فإذا هو رافع إصبعه السبابة يتشهد، ثم سقطت يده على صدره وفارق الحياة.
فهذا لا يحتاج أن تلقنه لا إله إلا الله؛ لأنه عاش على (لا إله إلا الله)، فعرف معنى (لا إله إلا الله)، وبذل حياته من أجل (لا إله إلا الله)، فثبته الله في ساعة احتضاره، لم تتخل عنه الصلوات، ولم يتخلَّ عنه القرآن، ولا تخلى عنه التسبيح والتهليل، بل كان الله معه في تلك الساعة، فغادر الحياة وهو يقول: لا إله إلا الله!