ملكنا هذه الدنيا قرونا وأخضعها جدود خالدونا وسطرنا صحائف من ضياء فما نسي الزمان ولا نسينا بنينا حقبة في الأرض ملكاً يدعمه شباب صالحونا شباب ذللوا سبل المعالي وما عرفوا سوى الإقدام ديناً تعهدهم فأنبتهم نباتاً كريماً طاب في الدنيا غصونا إذا شهدوا الوغى كانوا كماة يدكون المعاقل والحصونا إذا جن المساء فلا تراهم من الإخفاق إلا ساجدينا شباب لم تحطمه الليالي ولم يسلم إلى الخصم العرينا ولم تشهدهم الأقداح يوماً وقد ملئوا نواديهم مجونا وما عرفوا الأغاني مائعات ولكن العلى صيغت لحونا ترى هل يرجع الماضي فإني أذوب لذلك الماضي حنينا فإن كانوا قد استطاعوا أن يفعلوا فنحن أيضاً نستطيع أن نفعل، بشرط: أن نسير على نفس الطريق.
فتلك الانتصارات ما كانت تتحقق إلا لأنهم ملكوا الإيمان والتقوى والإحسان، فلما ضعف ذلك في حياتنا ذهبت الأمجاد والانتصارات، وضعف الإيمان بسبب كثرة الذنوب والمعاصي والآثام، فماذا صنعت بنا وبشبابنا الشاشات والقنوات؟ فكم أفسدت ودمرت؟ قال الله تعالى:{فَإِذَا عَزَمَ الأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ}[محمد:٢١]، وقال تعالى:{كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}[البقرة:٢٤٩]، وقال أيضاً:{وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}[آل عمران:١٣٩]، فانتصاراتنا قد ملأت آذانهم، لكنهم يحاولون بشتى الوسائل والطرق ألا نجمع أخبار الانتصارات؛ حتى لا ترتفع المعنويات.