لقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم موازين المعركة: ثلاثة آلاف في الطرف المقابل بكامل العدة والعتاد يفوقون المسلمين في كل شيء إلا في الإيمان والعقيدة، وكفى بهذا فخراً للمسلمين، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ}[الأنفال:١٥] فقسم النبي صلى الله عليه وسلم رجاله على حسب ظروف المعركة، فاختار جبل أحد فجعل ظهره إلى الجبل، وقسم الرجال إلى قسمين: راية الأنصار وراية المهاجرين، وقسم راية الأنصار إلى رايتين: أوس وخزرج، ثم جعل خمسين من الرجال على قمة الجبل كقوة رادعة وقوة ضاربة تحمي ظهرهم، وترد الخيل، والخيل لا تستطيع أن تقاوم السهام والنبال.
فوضع القائد خطة كاملة تناسب ظروف المعركة، وقال للخمسين الرجل الذين جعلهم على قمة الجبل بعد أن أمرَّ عليهم عبد الله بن جبير:(لا تنزلوا ولو رأيتمونا تتخطفنا الطير)، وكان للأوامر الصارمة دور في بداية المعركة حيث إن المسلمين انتصروا في البداية بسبب الرماة، ثم كان الرماة أنفسهم هم سبب الهزيمة في النهاية، والسبب كما ذكر الله جل في علاه:{مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا}[آل عمران:١٥٢] وهم الذين كانوا على قمة الجبل، قال تعالى:{وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ}[آل عمران:١٥٢] وهم الذين كانوا في أرض المعركة.
صف النبي صلى الله عليه وسلم الرجال ثم أخذ يحثهم على القتال، وقال:(إن روح القدس نفث في روعي وقال: إن نفساً لن تموت قبل أن تستوفي رزقها وأجلها، وما من أمر يحبه الله ورسوله إلا أمرتكم به، وما من أمر لا يحبه الله ورسوله إلا نهيتكم عنه، فاتقوا الله واسمعوا وأطيعوا، وأخلصوا جهادكم لله رب العالمين).
ثم جُعلت كلمة السر التي يتعارف بها الرجال في أرض المعركة:(أمت أمت).