للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أسباب حوادث السيارات]

السرعة الجنونية وعدم المبالاة.

مخالفة الأنظمة من قطع إشارات وغيرها.

تسليم السيارة لصغار السن الذين هم دون سن الرشد، أولئك الذين لا يدركون قيمة السيارة ولا عظم المسئولية، وكم نرى صغاراً يجوبون الشوارع يمنة ويسرة مع أصحاب لهم، يملئون الشوارع بالتفاحيط والمخالفات، فأين هو الذي استرعاه الله رعية؟! ومن آفات العصر: التفحيط والتطعيس، وما أدراك ما التفحيط والتطعيس؟ فمن الأشياء التي ابتلي بها كثير من الشباب اليوم: التفحيط في الشوارع العامة أو التطعيس على الكثبان الرملية وفي البراري، ولا شك أن فيهما إتلافاً للمال الذي بين أيديهم -وهو السيارة- وإتلافاً للأبدان؛ لأنه كثيراً ما تقع الحوادث بسبب هذا التفحيط أو التطعيس، ويذهب الضحية السائق أو أحد الذين يركبون معه أو أحد المارة.

وكم قتل من أبرياء بسبب هذه التصرفات التي تدل على عدم المسئولية وعدم المبالاة! وقد بين علماؤنا حفظهم الله حكم التفحيط والتطعيس، ومفاسدهما وأضرارهما على الفرد والمجتمع.

فقد سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن حكم الصعود على الكثبان الرملية المرتفعة وهو ما يعرف بالتطعيس، وهل يعد آثماً من يشاهد ذلك؟ فأجاب حفظه الله ورعاه: أولاً: المشاهدة تنبني على الفعل، هل هو جائز أم لا؟ فنقول: خروج الشباب إلى البر على هذا الوجه ربما يفضي إلى المفاسد منها: تركهم للجماعات في المساجد، وبعدهم عن أهاليهم.

ومنها: أن فيه إتلافاً للمال؛ لأن السيارات تتلف بهذا الاستعمال، وهو إجبار السيارات على أن تصعد على كثبان الرمل، وإذا تضررت كان في هذا إتلاف للمال، وإتلاف المال لغير مصلحة شرعية دينية أو دنيوية محرم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن إضاعة المال.

إذاً فأين العقول السليمة من هذا؟ ثم يقول الشيخ رحمه الله: ثم إني أسمع كثيراً من الناس يشكون من هذه السيارات، حيث إنها تفسد الأرض والنبات، ومعلوم أنه إذا كثر تردد السيارات على أرض بعينها فإنها ستتلف، ويحصل في هذا ضرر على أهل المواشي.

وإذا تبين أن مثل هذا العمل مضيعة للمال، وقد يكون سبباً لأمور محظورة، فإن تشجيعه والخروج للتفرج عليه محرم؛ لأنه إقرار للمحرم ومساعدة عليه، وقد قال سبحانه: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة:٢].

ويدلك أيضاً على أن هذا العمل سفه، أن مثل هؤلاء لا يمكن أن يقوموا بهذا العمل أمام شرفاء الناس ووجهائهم، لأنهم يستحون منهم، وفي الحكمة القديمة التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم: (إن مما أدرك الناس من كلام النبوة: إذا لم تستح فاصنع ما شئت)، (والحياء شعبة من الإيمان).

أخي الشاب! يا من خلقك ربك فسواك، ورزقك وكفاك، وأطعمك وسقاك، ومن كل خير سألته أعطاك، ومع ذلك عصيت وما شكرت، وأذنبت وما استغفرت، وتنتقل من معصية إلى معصية، ومن ذنب إلى ذنب كأنك ستخلد في هذه الدنيا ولن تموت، وتبارز الله بالمعاصي والذنوب غافلاً ساهياً عن علام الغيوب، فياليت شعري متى تنتهي وتتوب؟ واسمع إلى هذا الخبر! يقول أحد ضحايا التفحيط: أنا شاب أبلغ من العمر ثلاثين سنة، وقد أمضيت منها تسع سنوات على كرسي الإعاقة بسبب التفحيط، حيث كنت أتباهى بمقدرتي وبراعتي في قيادة السيارة، وبينما كنت أفحط في يوم من الأيام أمام أحد المدارس سقطت سجارتي من مدخنة السيارة، فوقعت على قدمي وعندها اختل توازني، فاصطدمت سيارتي وحصل لي ما حصل.

ولذلك أحذر الشباب من خطورة التفحيط الذي جنيتُ عاقبته إعاقة دائمة لي، وأحرقت زهرة شبابي ولم يبق لي إلا رحمة الله جل في علاه! ومثله كثير، {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ} [الحشر:٢].