قال سبحانه:{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[البقرة:١٨٥]، جاء عند أحمد والنسائي من حديث أبي هريرة:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بقدوم رمضان، فكان يقول لهم: قد جاءكم شهر رمضان شهر مبارك، افترض الله عليكم صيامه، يفتح فيه أبواب الجنة، ويغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خير تلك الليلة فقد حرم الخير).
قال ابن رجب: هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضاً بشهر رمضان، فكيف لا يبشر المؤمن بفتح أبواب الجنان؟! كيف لا يبشر المذنب بغلق أبواب النيران؟! كيف لا يبشر العاقل بوقت يغل فيه الشيطان؟! من أين يشبه هذا الزمان زمان؟! قال معلى بن الفضل: كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم رمضان.
قال يحيى بن كثير: كان من دعائهم: اللهم سلمني إلى رمضان، وسلم لي رمضان، وتسلم مني رمضان متقبلاً فمرحباً بشهر طيب مبارك كريم.
في رمضان أنزل القرآن والكتب السماوية، في رمضان الشفاعة بالصيام والقرآن، في رمضان التراويح والتهجد، في رمضان التوبة وتكفير الذنوب، في رمضان تصفد الشياطين، في رمضان تغلق أبواب الجحيم وتفتح أبواب الجنان، في رمضان الجود والإحسان والعتق من النيران، في رمضان الصبر والشكر والدعاء، في رمضان مضاعفة الحسنات وليلة القدر، في رمضان الجهاد والانتصار فكيف لا يفرح المؤمن بشهر هذا بعض ما فيه؟! بين الجوانح في الأعماق سكناه فكيف أنت ومن في الناس ينساه وكيف أنت حبيباً كنت في صغري أسير حسن له جلت مزاياه ولم أزل في هواه ما نقضت له عهداً ولا محت الأيام ذكراه قد شاخ جسمي ولكن في محبته وما زال قلبي فتى في عشق معناه وفي كل عام لنا لقيا محببة يهتز كل كياني حين ألقاه بالعين والقلب والآذان أرقبه وكيف لا وأنا بالروح أحياه والليل تحلو به اللقيا وإن قصرت ساعاتها أحيالها وأحلاه فنوره يجعل الليل البهيم ضحى فما أجل وما أجلى محياه ألقاه شهراً ولكن في نهايته يمضي كطيف خيال قد لمحناه في موكب الطهر في رمضان الخير تجمعنا محبة الله لا مال ولا جاه من كل ذي خشية لله ذي ولع بالخير تعرفه دوماً بسيماه قد قدروا مواسم الخيرات فاستبقوا والاستباق هنا المحمود عقباه صاموه قاموه إيماناً ومحتسباً أحيوه طوعاً وما في الخير إكراه وكلهم بآيات القرآن مندمجاً كأنه الدم يسري في خلاياه فالأذن سامعة والعين دامعة والروح خاشعة والقلب أواه