[الحياة بدون العبادة ضنك]
وختاماً: اعلم أن الحياة بدون الله سراب، وأن القلب لا يصلح إلا بالله جل وعلا، فإذا أقبل على الله تعالى اجتمع وانضم بعضه إلى بعض، ووجد نفسه وسلمت فطرته.
يا أيها الإنسان! ما غرك بربك الكريم؟ إلى كم تعصي وتتمرد؟ وأقبح من قبيحك أنك تتعفف.
يا ناصع الثوب والقلب أسود؛ ما هذا الأمل ولست بمخلد، أما تخاف من أوعد وتهدد؟ يا من شاب وما تاب، أين البكاء، أين الحذر من أليم العقاب؟ قل: ما أحلم الله عني حيث أمهلني وقد تماديت في ذنبي ويسترني تمر ساعات أيامي بلا ندم ولا بكاء ولا خوف ولا حزن أنا الذي أغلق الأبواب مجتهداً على المعاصي وعين الله تنظرني يا زلة كتبت في غفلة ذهبت يا حسرة بقيت في القلب تحرقني دعني أنوح على نفسي وأندبها وأقطع الدهر بالتذكير والحزن دع عنك عذلي يا من كنت تعذلني لو كنت تعلم ما بي كنت تعذرني دعني أسح دموعاً لا انقطاع لها فهل عسى عبرة منها تخلصني اكتب قصة الرجوع بقلم الندم والدموع، واسر بها على قدم الخضوع إلى باب الخشوع، وأتبعها بالعطش والجوع، وسل الرحمة فرب سؤال مسموع.
قم وناد في الأسحار والناس نيام: يا رجاء الخائفين! يا أمل المذنبين! إن طردتني فإلى من أذهب؟ يا رحيماً بمن عصاك، يا حليماً على من تناساك، يا من شيمته الصبر: عصيتك جاهلاً يا ذا المعالي ففرج ما ترى من سوء حالي إلى من يهرب المخلوق إلا إلى مولاه يا مولى الموالي.
فلله در أقوام تركوا فأصابوا، وسمعوا منادي الله يدعو فأجابوا، وحضروا مشاهد التقى فما غابوا، واعتذروا عن تحقيق ثم تابوا، ثم قصدوا باب مولاهم فما ردوا ولا خابوا.
اللهم سر بنا في درب النجابة، ووفقنا للتوبة والإنابة، وافتح لأدعيتنا الإجابة، يا من إذا سأله المضطر أجابه.
اللهم تب علينا توبة نصوحاً، لا ننقض عهدها أبداً، واحفظنا في ذلك لنكون بها من جملة السعداء.
اللهم اقبل توبة التائبين، واغفر ذنب المذنبين، واقبل الشباب والشيب في قوافل العائدين.
اللهم ألهمنا القيام بحقك، وبارك لنا في الحلال من رزقك، ولا تفضحنا بين خلقك، يا خير من دعاه داع، وأفضل من رجاه راج، يا قاضي الحاجات! يا رافع الدرجات! يا مجيب الدعوات! يا رب الأرض والعرش والسماوات! سألناك فحقق رجاءنا فيما تمنيناه.
يا من يملك حوائج السائلين نسألك عفوك وحلاوة مغفرتك يا أرحم الراحمين! اللهم صل وسلم على محمد وعلى آله وصحبه الأخيار، عدد ما غرد طير وطار، وعدد ما استغفر المستغفرون في الأسحار.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.