اسمعي واسمع! يا من توقن أنك لا شك راحل، قم في الدجى قيام مشفق سائل، وأجب منادي: هل من سائل، لعلك ولعلك تحظى بالقبول، وتفوز بالمسئول، وتدرك المطلوب والمأمول.
لله در أقوام هجروا الدنيا وتركوها، وطلبوا الآخرة بالجد وآثروها، إن جاء النهار قطعوه بالصيام، وإن جاء الليل نصبوا أقدامهم للقيام.
لله درهم؛ أبصروا عيوب الدنيا وميزوها، عرفوا طرق الجنة فسلكوها، وعرفوا طرق الضياع وتجنبوها، إن أظلم الليل صفوا أقدامهم وانصبوها، وإن أقبل النهار حفظوا جوارحهم وكفوها.
لله درهم كم تعبت أبدانهم بين جوع وسهر، كم كفت جوارحهم عن لهو وبطر، كم حفظوا ألسنتهم وأعينهم عن الكلام والنظر، كم تغنوا بكلامه والقلب خاشع وحاضر في السحر.
يا حسنهم والليل قد أجنهم ونورهم يفوق نور الأنجم فماذا أعد الله لهم {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[السجدة:١٧].
اللهم إنا نعوذ بك من بدن لا ينتصب بين يديك، ونعوذ بك اللهم من قلب لا يشتاق إليك، ونعوذ بك من دعاء لا يصل إليك، ونعوذ بك من عين لا تبكي عليك.
سبحانك يا من تفرد بك المتفردون في الخلوات، وسبحانك من سبحت لعظمتك الحيتان في البحار الزاخرات، ولجلال قدسك اصطفت الأمواج المتلاطمات، أنت الذي سجد لك سواد الليل، وضوء النهار، والفلك الدوار، والبحر الزخار، والقمر النوار، وكل شيء عندك بمقدار.
يا مؤنس الأغوار في خلواتهم، يا خير من حطت به النزال، سبحانك لك الجمال والجلال، ولك الكمال.
اللهم إنا نسألك رضاك والجنة، ونعوذ بك اللهم من سخطك والنار، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، كره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين، اللهم اجمع شملنا، ووحد صفنا، وأصلح ولاة أمورنا، وانصرنا يا قوي يا عزيز على القوم الكافرين.
نسألك اللهم إيماناً كاملاً، ويقيناً صادقاً، وصلاةً خاشعةً، وعلماً نافعاً، ورزقاً حلالاً واسعاً، اللهم عاملنا بما أنت أهله، ولا تعاملنا بما نحن أهله إنك سبحانك أهل التقوى وأهل المغفرة.