اعلم واعلمي: أن الذنوب الصغيرة تكبر وتعظم بأسباب، منها: الإصرار والمواظبة، لذلك قيل: لا صغيرة مع إصرار ولا كبيرة مع الاستغفار، قال محمد بن سيرين رحمه الله: والله لا أبكي على ذنب أذنبته ولكني أبكي على ذنب كنت أحسبه هيناً وهو عند الله عظيم.
وتعظم الذنوب أيضاً باستصغارها، فإن الذنب كلما استعظمه العبد من نفسه صغر عند الله تعالى، وكلما استصغره العبد كبر عند الله تعالى.
جاء في الخبر:(إن المؤمن يرى ذنبه كالجبل فوقه يخاف أن يقع عليه، وإن المنافق يرى ذنبه كذباب مر إلى أنفه فأطاره بيديه).
أوحى الله إلى بعض أنبيائه: لا تنظر إلى صغر الخطيئة ولكن انظر إلى كبريائي وعظمة من عصيت.
وتعظم الذنوب إذا فرح بها أصحابها وتبجحوا بها وبذكرها يظنون أن التمكن من الذنب نعمة، ما دروا أنه غفلة وشقاوة.
يا حي يا قيوم برحمة نستغيث أصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين.
تعظم الذنوب إذا تهاون أصحابها بستر الله عليهم وحلمه عنهم وإمهاله إياهم، ما درى أولئك أن الله يمهل ولا يهمل، وأنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون.
تعظم الذنوب إذا جاهر بها أصحابها، فإن في ذلك كشفاً لستر الله الذي أسدله وتحريكاً لرغبة الشر في من أسمعه.
والأعظم من ذلك: قلة الحياء مع الله، قال صلى الله عليه وسلم:(كل أمتي معافى إلا المجاهرين، يبيت أحدهم على ذنب قد ستره الله عليه فيصبح فيكشف ستر الله ويتحدث بذنبه).
قال بعضهم: لا تذنب فإن فعلت فلا ترغب غيرك بالذنب، فتكون كالمنافقين الذين قال الله فيهم:{الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ}[التوبة:٦٧]، الحمد لله الذي عافنا مما ابتلاهم به، وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلاً.