[أهمية الوقت]
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:١٠٢].
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:١].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب:٧٠ - ٧١].
أما بعد: فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
عباد الله! لقد أقسم الله تبارك وتعالى بالوقت في مواضع عدة، فأقسم جل في علاه بالليل، وأقسم بالضحى، وأقسم بالفجر، وأقسم بالعصر، والله لا يقسم إلا بعظيم، ولله أن يقسم بما شاء من مخلوقاته، وليس للمخلوق أن يقسم إلا بالله العلي العظيم.
وقد أقسم الله بالوقت لعظيم أهميته، ولعظيم خطورته، فالوقت هو الأعمار التي نمتلكها، وهو رأس المال، والوقت إذا مضى فإنه لا يرجع أبداً، فمن منا يستطيع أن يُرجع ساعة من العمر الذي مضى، أو دقيقة، بل ثانية؟! فكلنا نزين المعصم بالساعة، ونحن ننظر إلى عقارب الساعة تسير إلى الأمام، ولا ترجع إلى الخلف أبداً، فقد زينا المعاصم بالساعات ولكن قليلاً منا هم الذين عرفوا قيمة الساعات والأوقات.
وقد قال جل في علاه مبيناً أصناف الناس في استغلال أوقاتهم: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} [فاطر:٣٢]، فالناس أصناف ثلاثة: قسم لا يشعر بالوقت، ولا يعرف أهميته، ولا يدرك خطورة تضييعه، فهؤلاء يكتشفون أنهم كانوا في حسرة وندامة عند ساعات الاحتضار، وأمنيتهم حينئذ أن يزدادوا في العمر ساعة؛ حتى يستدركوا ما فات.
وقسم يعرفون قيمة الوقت وأهميته، لكنهم أصيبوا بالكسل والفتور، فهممهم لم توصلهم إلى ما يريدون.
والقسم الثالث: أقوام لله درهم! عرفوا قيمة الوقت، وعرفوا أن الوقت هو العمر، وجعلوا قول النبي صلى الله عليه وسلم: (خيركم من طال عمره، وحسن عمله) شعاراً لهم في حياتهم، فعرفوا قيمة الليل، وعرفوا قيمة النهار، فالليل والنهار يبليان كل جديد، ويقربان كل بعيد، ويأتيان بكل موعود ووعيد، قال عمر بن عبد العزيز: الليل والنهار يعملان فيك، فاعمل أنت فيهما.