كان المسلمون في أرض المعركة على ثلاثة أقسام حين داهمهم القوم: يمنة ويسرة، وقلة قليلة كانت حول النبي صلى الله عليه وسلم، وبخبرته صلى الله عليه وسلم العسكرية لم يذهب هو ومن معه إلى جمع الغنائم، بل بقي في مقر القيادة، وهناك قلة أخرى كانت تطارد فلول الكفار هنا وهناك، والأكثرية كانت في معسكر الكفار، وهذه الأكثرية هي التي تكبدت الخسائر كلها.
والذين كانوا في معسكر الكفار أيضاً انقسموا إلى قسمين، وشاع الخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قتل، فانهارت العزائم، وخارت القوى، وضعفت الروح، ففريق منهم رجع يجر أذيال الهزيمة إلى المدينة فاستقبلتهم النساء، يقلن لهم: تفرون من الموت في سبيل الله، فقال الرجال للنساء: قتل النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت النساء: موتوا على ما مات عليه محمد صلى الله عليه وسلم، ولا ترجعوا إلينا تجرون أذيال الهزيمة، لضربة بالسيف على عز خير من حياة على ذل، فرجعوا وقاوم الرجال، وفي وسط المعركة تأتيهم الرماح والنبال من كل صوب.