وصل خالد بجيشه إلى المدينة دون أن يتعرض لأي خطر في الطريق، ووصلت الأخبار إلى المدينة بأن المسلمين قد فروا وانهزموا، فاستاء أهل المدينة بذلك، فما كاد خالد يصل بجيشه إلى ضواحي المدينة حتى قابلته مظاهرة كبيرة تندد بالجيش، وكان المتظاهرون يصيحون بالجيش: يا فرار! يا فرار! أتفرون من الموت في سبيل الله؟! ويحثون في وجوه الجند والقادة التراب.
أما النساء فلم يفتحن لأزواجهن وأبنائهن الأبواب، وأغلقنها دونهم قائلات لهم: لم لم تموتوا مع أصحابكم في أرض القتال؟ أما الأطفال فلقد استقبلوا خالداً ومن معه في أزقة المدينة بالتراب والحجارة قائلين: يا فرار! يا فرار! والنبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم بالأخبار الصحيحة، ومقدار التضحيات والبطولات التي قام بها الجيش المسلم، ولذا قام مدافعاً عن الجيش وأفراده، قائلاً:(ليسوا بالفرار، ولكنهم الكرار إن شاء الله).
كيف وقد أنقذ خالد جيشه من فناء محقق بخطة عسكرية بارعة، وألحق بالرومان وجنودهم شر مكفنة وأذاقهم خزياً وعاراً؟ والفرق بين الأمس واليوم أنَّ بالأمس كان صغارنا يستقبلون خالداً ومن معه في أزقة المدينة بالحجارة، ويقولون لـ خالد ومن معه: إلى أين يا فرار! واليوم صغارنا يستقبلون غانية ومطرباً بيده قيثار ولاعباً في صالة المطار بالورود والأزهار متار يا متار هذا زمان العار من طنجة إلى قندهار معتقل يعيش حالة احتضار أمتنا ليس لها قرار أمتنا ألعوبة باليمين واليسار نرجو صلاح الدين ندور في مأساتنا حتى أصابنا الدوار لكن لا خيار من موتنا فوق شغار السيف حتى يصر الشوك جل نار موقنون يا متار بحرقة المشوار فإن النصر مع الصبر والصراط فوق النار هذه باختصار كلمات اعتذار عن أمة تعدادها مليار، ليس لها قرار.
فذه أخبارهم فما هي أخبارنا!؟ وهذه تضحياتهم فما هي تضحياتنا؟! وهذه بطولاتهم فأين بطولاتنا؟ وهذه هي أخبار شيبهم وشبابهم، فما هي أخبار شيبنا وشبابنا؟! وهذه أخبار نسائهم فما هي أخبار نسائنا؟! وهذه هي أخبار أطفالهم فما هي أخبار أطفالنا؟!