للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[صور من تضحيات الصحابة يوم أحد]

لقد كانت معركة أحد درساً للأمة في جيلها الأول وفي أجيالها المتلاحقة والمتعاقبة حتى يومنا هذا، فبدأ القتال وبدأت تعلو صيحات، وبدأ التكبير يأتي من هنا ومن هناك، وبدأ حمزة يضرب رقاب الرجال، فكان لا يسير بين الصفوف إلا تفرقت الجموع من أمامه.

وأخذ أبو دجانة يضرب بسيف النبي صلى الله عليه وسلم حتى أثخنت فيهم الجراح.

وأما الزبير فصنع العجب العجاب، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يراقبه في أرض المعركة وهو يبحث عن حامل راية المشركين طلحة بن أبي طلحة، وراية المعركة هي شعار المعركة لكل فريق، وبنو عبد الدار هم حملة لواء قريش، فتتبعه الزبير، فلما جاءه وهو على بعيره قفز الزبير على ظهر البعير فجلس معه، ثم مسكه من تلابيبه، ورماه على وجهه من ظهر الجمل، ثم دك وجهه وقصم ظهره، ثم اجتز رقبته وأسقط راية الكفار، فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم وهلل وكبر، وقال: (لكل نبي حواري وحواريي من هذه الأمة الزبير بن العوام).

وبدأت المعركة تسير على النظام الذي وضعه النبي صلى الله عليه وسلم، وكر الكفار على المسلمين في أول الأمر، فردهم الرماة، وكر خالد وعكرمة اللذان كانا على فرسان مكة، وردهم الرماة مرة ثانية، وكروا ثالثة فردهم الرماة، فكانت الخطة تسير كما ينبغي، والصفوف منظمة، والكلمة مسموعة، والهدف واحد.

وصنع حمزة العجب العجاب، وقتل من فرسانهم، فانهارت عزائمهم، وحمل بنو عبد الدار الراية مرة ثانية فقتل سعد بن أبي وقاص حامل الراية، ثم حملها ثالث فقتلوه، حتى حمل الراية منهم ستة فقتلهم الصحابة جميعاً، وأسقطوا راية الكفار ست مرات ولم تتزعزع راية المسلمين، وبدأ المشركون يفرون من أرض المعركة، وبدأت علامات الهزيمة تظهر عليهم، وبدأت الغنائم تتناثر في أرض المعركة هنا وهناك، حتى أخلى المشركون معسكرهم، وبدءوا يفرون يمنة ويسرة، ثم أتت النقطة التي قلبت موازين المعركة، عندما خولفت الأوامر، فتباً للمعاصي ماذا تصنع! وتباً لمخالفة الأوامر ماذا تصنع!