[نماذج من اجتهاد السلف في العبادة]
عن عطاء بن السائب قال: دخلنا على أبي عبد الرحمن السلمي وهو يقضي -يعني: ينازع- في المسجد، فقلنا له: لو تحولت إلى دارك وفراشك فإنه أوفر، فقال لهم: حدثني فلان عن فلان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يزال أحدكم في صلاة ما دام في مصلاه ينتظر الصلاة، والملائكة تقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه)، فأنا أريد أن أموت في مسجدي وأنا في انتظار الصلاة، أليس من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: رجل قلبه معلق بالمساجد؟ فبماذا تعلقت قلوبنا؟ (بطاش ما طاش) (وأكاديم استار) والشاشات والقنوات، وأعراضنا تنتهك، ونساؤنا تغتصب، أليس هذا هو الواقع؟! الضاحكون في كل مكان، بل قل المقهقهون وحالنا لا يعلم بها إلا الله! قيل لـ نافع: ما كان يصنع ابن عمر في منزله؟ قال: لا تطيقونه، الوضوء لكل صلاة، والمصحف فيما بينهما.
فماذا نصنع في بيوتنا؟! وعن محمد بن زيد أن ابن عمر كان له مهراس فيه ماء فيصلي ما قدر له، ثم يصير إلى الفراش فيغفي إغفاءة كالطائر، ثم يقوم فيتوضأ ويصلي، يفعل ذلك في الليل أربع مرات أو خمساً، كلما استيقظ وقف أمام ربه.
وروى نافع أن ابن عمر كان يحيي بين الظهر والعصر.
فمن منا فعل ذلك؟! عن الربيع بن خثيم قال: أتيت أويساً القرني، فوجدته قد صلى الصبح وقعد، فقلت: لا أشغله عن التسبيح، فلما كان وقت الصلاة -يعني: بعد شروق الشمس- قام فصلى حتى الظهر، فلما صلى الظهر قام فصلى حتى العصر، فلما صلى العصر قعد يذكر الله إلى المغرب، فلما صلى المغرب قام يصلي حتى العشاء، فلما صلى العشاء اتكأ على سارية في المسجد ثم أغفى إغفاءة ثم أفاق وهو يقول: اللهم إني أعوذ بك من عين نوامة، وبطن لا تشبع، أعوذ بك اللهم من غفلة الغافلين.
أرأيت كيف كان جلدهم في العبادة وصبرهم على الطاعات؟ بدأ رمضان فلم نستطع أن نواصل خمسة عشر يوماً قياماً، وهو أعظم مواسم الطاعات، وفي كل يوم صفوف المصلين تقل في جميع الصلوات، ليس في التراويح فقط، أول ما بدأنا الشهر كان يصلي الفجر معنا أربعة إلى خمسة صفوف، ومع انتصاف الشهر عادت الصفوف إلى ما كانت عليه قبل رمضان! رحم الله أويساً ما أعلى همته، يعاتب نفسه على إغفاءة خاطفة، ولهذا يعده الشاطبي ممن يأخذ بما هو شاق على الدوام، ومع هذا لا يعتبر مخالفاً للسنة، بل إنه من السابقين الأولين، ألم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يقوم الليل حتى تتورم قدماه؟ عن أصبغ بن زيد قال: كان أويس إذا أمسى يقول: هذه ليلة الركوع فيركع حتى يصبح، وأحياناً يقول: هذه ليلة السجود فيسجد حتى يصبح، وكان رحمه الله يقول: والله لأعبدن الله في الأرض كما تعبده الملائكة في السماء.
هذا حالهم وهذه عبادتهم، ووالله لولا الأسانيد الصحاح والرجال الثقات لقلنا: إن هذه الأخبار ضرباً من الخيال، ولكن ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، ومن لج ولج، ومن طرق الباب يوشك أن يفتح له.
سعد الذين تجنبوا سبل الردى وتيمموا لمنازل الرضوان فهم الذين أخلصوا في مشيهم متشرعين بشرعة الإيمان وهم الذين بنوا منازل سيرهم بين الرجا والخوف للديان وهم الذين ملأ الإله قلوبهم بوداده ومحبة الرحمن وهم الذين أكثروا من ذكره في السر والإعلان والأحيان يتقربون إلى المليك بفعلهم طاعاته والترك للعصيان فعل الفرائض والنوافل دأبهم مع رؤية التقصير والنقصان صبروا النفوس على المكاره كلها شوقاً إلى ما فيه من إحسان صحبوا الخلائق بالجسوم وإنما أرواحهم في منزل فوقان عزفوا القلوب عن الشواغل كلها قد فرغوها من سوى الرحمن حركاتهم وهمومهم وعزومهم لله لا للخلق والشيطان فمن أراد الوصول فعليه بالأصول، ومن سار على الدرب وصل، واعلم -رعاك الله- أن النعيم لا يدرك بالنعيم، وأن من آثر الراحة فاتته الراحة، وأن بحسب ركوب الأهوال واحتمال المشاق تكون الفرحة واللذة.
قيل للربيع بن خثيم: لو أرحت نفسك قال: راحتها أريد.
وقيل للإمام أحمد: متى يجد العبد طعم الراحة؟ قال: عند أول قدم في الجنة.
أحزان قلبي لا تزول حتى أبشر بالقبول وأرى كتابي باليمين وتسر عيني بالرسول عوتب أحدهم في شدة اجتهاده فقال: إن الدنيا كانت ولم أكن فيها، وستكون ولن أكون فيها، ولا أحب أن أغبن أيامي، والصلاة خير من النوم، والتجلد خير من التبلد، والمنية خير من الدنية: فكن رجلاً رجله في الثراء وهامة همته في الثريا فإن إراقة ماء الحياة دون إراقة ماء المحيا قال عز وجل: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا * وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا} [الإسراء:١٨ - ١٩] ويقول صلى الله عليه وسلم: (من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة).
قال الفضيل: الزم طريق الهدى ولا يغرنك قلة السالكين، وإياك وطريق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين.
اللهم اجعلنا هداة مهتدين لا ضالين ولا مضلين.
اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا يا ربنا من الراشدين.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.
اللهم وفقنا لإتمام الشهر صياماً وقياماً يا رب العالمين، واجعلنا فيه من المقبولين، ومن عتقائك من النار يا أرحم الراحمين.
اللهم اغفر لوالدينا ووالد والدينا، ولكل من له حق علينا يا رب العالمين.
اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين.
اللهم اهدِ شباب المسلمين، اللهم اهدِ شباب المسلمين، الله اهدِ شباب المسلمين، ووفقهم للعمل الصالح يا رب العالمين.
اللهم بارك لنا في جيلنا ونسائنا وأطفالنا يا أرحم الراحمين.
اللهم رحماك بالمستضعفين في تايلاند والفلبين، اللهم رحماك بهم في العراق وفلسطين، وأفغانستان وكشمير والشيشان وفي كل مكان يا رب العالمين، كن لهم عوناً وظهيراً ومؤيداً ونصيراً يوم أن قل الناصر والمعين.
اللهم كن لهم ولا تكن عليهم، وآثرهم ولا تؤثر عليهم، وزدهم ولا تنقصهم، وأكرمهم ولا تهنهم، اللهم مكن لهم دينهم الذي ارتضيت لهم، اللهم مكن لهم دينهم الذي ارتضيت لهم، اللهم مكن لهم دينهم الذي ارتضيت لهم، اللهم بدلهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونك لا يشركون بك شيئاً يا رب العالمين.
اللهم قوِّ عزائم المجاهدين في الفلوجة، اللهم قوِّ عزائم المجاهدين في الفلوجة، اللهم قوِّ عزائم المجاهدين في الفلوجة، اللهم قد ضرب عليهم الحصار من كل مكان، ولم يبق باب إلا باب السماء يا رب الأرض والسماء، اللهم أنزل عليهم مدداً من عندك، اللهم أنزل عليهم مدداً من عندك، اللهم أنزل عليهم مدداً من عندك، واقلب أرض الفلوجة على الكفار ناراً، وسماءها شهباً وإعصاراً، اللهم شتتهم في الأرض شذر مذر، اللهم لا تبق لهم في الأرض أثراً، اللهم مكن المجاهدين من رقابهم، زلزل الأرض تحت أقدامهم، واقذف الرعب في قلوبهم، وأمطر عليهم حجارة من سجيل.
اللهم لا ترفع لهم راية، اللهم لا ترفع لهم راية، اللهم لا ترفع لهم راية، اللهم لا تحقق لهم في بلاد المسلمين غاية، واجعلهم لمن خلفهم عبرة وآية، هم والمنافقين يا جبار السماوات والأرضين، ليس لنا رب سواك فندعوه، وليس لنا إله سواك فنرجوه، يا أول الأولين ويا آخر الآخرين، يا ناصر الضعفاء والفقراء والمساكين، يا ذا القوة المتين، لا يخلف وعدك، ولا يهزم جندك، لا يرد بأسك عن القوم المجرمين، بك نصول وبك نجول، عليك توكلنا وإليك أنبنا، وإليك المصير، اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا يا حي يا قيوم.
عباد الله! {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل:٩٠]، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.