[معنى الإحسان والمراقبة]
فما هو الإحسان؟ الإحسان جاء في الحديث الصحيح عند مسلم في حديث وصف الإسلام والإيمان لما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإحسان قال: (أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك).
نعم يراك ويعلم سرك ونجواك، في الصحراء يراك، في الجو أو في السماء يراك، إن كنت وحيداً رآك، أو كنت في جمع رآك، {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الحديد:٤].
معنى الإحسان: استحضار عظمة الله ومراقبته في كل حال.
فما هي المراقبة؟ قال ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين من منازل إياك نعبد وإياك نستعين: المراقبة هي دوام علم العبد وتيقنه باطلاع الحق سبحانه وتعالى على ظاهره وباطنه، فاستدامته لهذا العلم واليقين بذلك هي المراقبة، وهي ثمرة علمه بأن الله سبحانه رقيب عليه ناظر إليه سامع لقوله مطلع على عمله، ومن راقب الله في خواطره عصمه الله في حركات جوارحه.
قال أحدهم: والله إني لأستحي أن ينظر الله في قلبي وفيه أحد سواه.
قال ذو النون: علامة المراقبة إيثار ما أنزل الله، وتعظيم ما عظم الله، وتصغير ما صغر الله.
وقال إبراهيم الخواص: المراقبة: خلوص السر والعلن لله جل في علاه، من علم أن الله يراه حيث كان، وأن الله مطلع على باطنه وظاهره وسره وعلانيته، واستحضر ذلك في خلوته أوجب له ذلك العلم واليقين.
كان بعض السلف يقول لأصحابه: زهدنا الله وإياكم في الحرام زهد من قدر عليه في الخلوة فعلم أن الله يراه فتركه من خشيته جل في علاه.
أو كما قال.
وقال الشافعي: أعز الأشياء ثلاثة: الجود من قلة، والورع في خلوة، وكلمة الحق عند من يرجى أو يخاف.
وقالوا: أعظم العبادات مراقبة الله في سائر الأوقات.
قال ابن القيم: والمراقبة: هي التعبد بأسمائه الرقيب, الحفيظ, العليم, السميع, البصير، فمن عقل هذه الأسماء وتعبد بمقتضاها حصلت له المراقبة.