للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[رسالة إلى من آثر نومه على طاعة ربه]

وإليك رسالة يا من آثرت نومك على طاعة ربك أترضى أن تتصف بصفات المنافقين؟ قال صلى الله عليه وسلم: (أثقل الصلوات على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً) رواه أحمد.

وقال الله عن المنافقين: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا * مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا} [النساء:١٤٢ - ١٤٣] أترضى أن تكون مثلهم؟ أترضى أن تتصف بصفاتهم؟ أترضى أن تكون معهم؟ {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} [النساء:١٤٥]؟! أترضى أن تنضم إليهم؟ أترضى أيها المتخلف عن الصلوات أن تكون مثل هذا؟ سئل صلى الله عليه وسلم عن رجل نام عن صلاة الفجر حتى طلعت الشمس، قال: (ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه)، أترضى أن يكون هذا حالك كل يوم؟ واسمع رعاك الله إلى هذا الوعيد الشديد لمن ينام عن الصلاة، فجراً كانت أو عصراً أو أي صلاة، من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من القول لأصحابه: هل رأى أحد منكم رؤيا؟ قال: فيقص عليهم ما شاء الله أن يقص، وإنه قال لنا ذات غداة: إنه أتاني الليلة آتيان وإنهما ابتعثاني، وإنهما قالا لي: انطلق انطلق، وإني انطلقت معهما، وإنا أتينا على رجل مضطجع -وفي رواية- ملقىً على قفاه، وإذا آخر قائم عليه بصخرة يهوي بها على رأسه، فيثلغ بها رأسه، فيتدهده الحجر ههنا، فيتبع الحجر فيأخذه فلا يرجع إليه حتى يعود رأسه كما كان، ثم يعود فيفعل به مثل ما فعل به في المرة الأولى، قال: قلت لهما: سبحان الله ما هذا؟! قالا لي: انطلق انطلق، فانطلقنا حتى على مثل التنور، - قال أحسب أنه كان يقول - فإذا فيه لغط وأصوات قال: فاطلعنا فيه فإذا فيه رجال ونساء عراة، وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا -أي: علت أصواتهم من شدة الألم- قال: قلت: سبحان الله ما هذا؟ فقالا لي: انطلق انطلق، قال: فانطلقنا فأتينا على نهر - حسبت أنه كان يقول - أحمر مثل الدم، وإذا في النهر سابح يسبح، وإذا على شط النهر رجل قد جمع عنده حجارة كثيرة، وإذا بذلك السابح يسبح ما شاء، ثم يأتي ذلك الذي قد جمع عنده الحجارة فيفغر له فاه -أي: يفتح فمه- فيلقمه حجراً فينطلق يسبح، ثم يرجع وكلما رجع إليه فغر له فاه فألقمه حجراً قال: قلت لهما: سبحان الله ما هذا؟ قالا لي: انطلق انطلق) وفي آخر الحديث قال: (قلت لهما: فإني قد رأيت الليلة عجباً، فما هذا الذي رأيت؟ قال: قالا لي: أما إنا سنخبرك: أما الرجل الأول الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر فإنه الرجل يأخذ القرآن وينام عن الصلاة المكتوبة، وأما الرجال والنساء العراة الذين في مثل التنور فهم الزناة والزواني، وأما الرجل الذي أتيت عليه يسبح في النهر ويلقم الحجر فإنه آكل الربا).

فاتق الله يا من تنام عن الصلوات، واتق الله يا من تعاقر الزانيات والمومسات، واتق الله يا من تأكل أموال الربا.

يا أيها اللاهي على أعلى وجل اتق الله الذي عز وجل واستمع قولاً به ضرب المثل ودع الهزل وجانب من هزل قال سبحانه: {أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين:٤ - ٦]، وقال عز من قائل: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ * قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ * وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ} [الأنعام:٣٠ - ٣٢].

فيا ساهياً في غمرة الجهل والهوى صريع الأماني عن قريب ستندم أفق قد دنا الوقت الذي ليس بعده سوى جنة أو حر نار تضرم وبالسنة الغراء كن متمسكاً هي العروة الوثقى التي ليس تفصم وهيئ جواباً عندما تسمع الندا من الله يوم العرض ماذا أجبتم؟ ماذا أجبتم به رسلي لما أتوكم؟ فمن أجاب سواهم سوف يخزى ويندم وخذ من تقى الرحمن أعظم جنة ليوم به تبدو عياناً جهنم وينصب ذاك الجسر من فوق متنها فهاوٍ ومخدوش وناج مسلّم ويأتي إله العالمين لوعده فيفصل ما بين العباد ويحكم فيا ليت شعري كيف حالك عندما تطاير كتب العالمين وتقسم فبادر إذا ما دام في العمر فسحة وعدلك مقبول وصرفك قيم