لقد حمل هم الأمة، خلع كل لباس إلا لباس التقوى، لم يأخذ قليلاً ولا كثيراً، همه الآخرة لا الدنيا، كانت له نظرة مختلفة عن نظرات الناس، حتى مع الناس، وأخذ الناس يتسابقون يوم عرفة مع الغروب إلى مزدلفة وهو يدعو ويتضرع ويقول: لا والله ليس السابق اليوم من سبق جواده وبعيره، إن السابق من غفر له في هذا اليوم.
كان شديد الخوف والمراقبة لله، إذا أراد النوم ارتجف صدره، فتقول زوجه: ما بالك يا عمر؟ فيقول: تذكرت قول الله: {فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ}[الشورى:٧]، فخفت خوفاً أورثني ما ترين.
فما حالنا مع القرآن؟! فما حالنا مع الآيات والذكر؟! عمينا عن الذكر والآيات تندبنا لو كلم الذكر جلموداً لأبكاه مقياسه في تقييم الناس هو التقوى، وهكذا يجب أن تكون مقاييسنا:{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}[الحجرات:١٣]، يقول عمر: والله ما رأيت متقياً إلا وددت أني في جلده.
استدعى مزاحماً يوماً فقال له: يا مزاحم! لقد رأيتك تصلي الضحى في شعب من الشعاب لا يراك فيه إلا الله، فأحببتك والله! فكن عوني على نفسي، فإذا رأيتني ظلمت فخذ بتلابيبي وقل: اتق الله يا ابن عبد العزيز! فما بالهم إذا نصحوا أخذتهم العزة بالإثم؟