للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إلى من يريد النجاة]

تريد النجاة؟! سؤال أسألك إياه ولا أظنك ستقول: لا، تريد النجاة؟ إذاً اركب سفينة النجاة، تعرَّف على الله، تريد أن يكون الله معك فاحرص على تقواه، إذا أردت أن تُحفظ في نفسك وأهلك ومالك فاحفظ الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، تعرَّف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة).

أما سمعت عن خبر الثلاثة الذين أخبرنا بخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين آواهم المبيت إلى غار، فانحدرت صخرة من الجبل فسدت فتحة الغار فأصبحوا في ظلام دامس، لا يعلم بمكانهم أحد إلا الله، إنه الموت والهلاك المحقق إن لم يلطف بهم الله، فقالوا: لا ينجيكم اليوم إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم.

فدعا الأول ببره بوالديه وأنه كان لا يقدم عليهم مالاً ولا ولداً، ودعا الآخر بترك الفاحشة والزنا وكان قادراً على ذلك، ودعا الثالث أنه أعطى الأجير أجره، وقالوا في دعائهم وتضرعهم: اللهم إن كنت تعلم أنّا فعلنا ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه، فلما علم الله صدقهم وإخلاصهم انفرجت الصخرة وخرجوا يمشون، فهم تعرفوا على الله في الرخاء فعرفهم في الشدة، وتوسلوا إلى الله بصالح أعمالهم، فأي عمل سأتوسل به أنا وأنت إلى الله إذا آوانا المبيت إلى غار أو تهنا في الصحراء أو في القفار.

يا رب عفوك لا تأخذ بزلتنا وارحم أيا رب ذنباً قد جنيناه كم نطلب الله في ضرّ يحل بنا لما تولت بلايانا نسيناه ندعوه في البحر أن ينجّي سفينتا لما وصلنا إلى الشاطئ عصيناه ونركب الجو في أمن وفي دعة وما سقطنا لأنَّ الحافظ الله قال ابن القيم رحمه الله: إذا استغنى الناس بالناس فاستغن أنت بالله، إذا فرحوا بالدنيا فافرح أنت بالله، إذا أنِسُوا بأحبابهم فاجعل أُنسك بالله، إذا تعرفوا إلى ملوكهم وكبرائهم وتقرَّبوا إليهم لينالوا بهم العزة والرفعة فتعرف أنت إلى الله، تعرف أنت إلى الله وتودد إليه وانطرح بين يديه؛ تنل بذلك غاية العز والرفعة، كما قال الله: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا} [فاطر:١٠]، وقال: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ} [المنافقون:٨].

أخيراً: اسمع بارك الله فيك هناك الحديث: (إن للتوبة باباً عرض ما بين مصراعيه ما بين المشرق والمغرب)، وفي رواية: (عرضه مسيرة سبعين عاماً، لا يُغلق حتى تطلع الشمس من مغربها) فالباب مفتوح فالباب مفتوح فهلا ولجت! واعلم رعاك الله أنَّ الله نادى فقال: (يا عبادي! إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم) ولقد سمعت النداء فهلا استغفرت!! اعلم يا رعاك الله أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل) والله يحب الاعتذار، فهلا أقبلت واعتذرت! ردد وقل: اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، قل: أنا العبد الذي أضحى حزيناً على زلاته قلقاً كئيباً أنا العبد الغريق بلج بحرٍ أصيح لربما ألقى مجيباً فيا أسفي على عمر تقضَّى ولم أكسب به إلا الذنوب أنا المضطر أرجو منك عفواً ومن يرجو رضاك فلن يخيبا