فمن أجل ذلك شرع الله الزواج حين حرم الزنا، ثم سد الأبواب الموصلة إلى الفاحشة.
شرع الله الزواج وهو سنة الأنبياء وسبيل المؤمنين، قال الله:{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً}[الرعد:٣٨]، وقال:{وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}[النور:٣٢]، وقال صلى الله عليه وسلم:(يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج)، فشرع الله الزواج لتلبية الحاجة في نفوس الرجال والنساء، فلا خلاف في مشروعية الزواج وفضله، بل نهى الله عن العضل، الذي هو: منع المرأة وحبسها عن الزواج فقال الله سبحانه: {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ}[البقرة:٢٣٢] وعظم الله ذلك العقد بين الرجل والمرأة وسماه ميثاقاً غليظاً؛ لعظم شأنه وحرمته عند الله جل في علاه، فقال سبحانه:{وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا}[النساء:٢١] ولأهمية الزواج قدمه كثير من المحدثين والفقهاء على الجهاد؛ لأن الجهاد يحتاج إلى الرجال، ولا سبيل لإيجاد الرجال إلا عن طريق الزواج.
ومن فوائد الزواج محاسنه: أنه من أسباب الغنى، وصد الفقر، كما قال الله:{إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}[النور:٣٢].
فبالزواج يحفظ النسل، وتصان الفروج، وتحفظ الأعراض، ويحصل الإحصان، ويأمن المجتمع من جريمة الزنا.
عباد الله! معدلات الزنا في المجتمع في ارتفاع يوماً بعد يوم، ولقد اطلعت على تقارير الهيئات في ضبط المشاكل والخلوات فوجدت أكثرها لفتيات وشبان في شقق وفي سيارات، اذهب إلى المجمعات فسترى آلافاً مؤلفة من الفتيان والفتيات في أبهى حلة، وأحسن زينة، ماذا يريد هؤلاء؟! ولماذا خرجوا؟ بحثاً عن إشباع الغرائز، ولماذا ارتفع الزنا؟ وزادت معدلاته؟ اسمع رعاك الله! قبل أن أذكر لك الأسباب سأذكر نسبة أولاد السفاح، ففي المنطقة الشرقية في العام الماضي فقط، عام ١٤٢٤هـ عدد أولاد السفاح الذين وجدوا على أبواب المساجد وفي المزابل والقمامات ثمانية وأربعون طفلاً، فما ذنب هؤلاء؟ يقول أحدهم: خرج أبي لصلاة الفجر وفي طريقه إذا به يسمع صياح طفل صغير يصدر من مكان ما، ارتفع صياحه، وبحث أبي عن مصدر الصوت، فإذا به في القمامة قد لف بقطعة قماش، ورمي هناك، ما ذنب هذا الصغير؟ ومن أين أتى؟ أقول: إنها جريمة الزنا، الجريمة الشنيعة التي شرع الله أشد العقوبات لمرتكبيها من الرجال والنساء.