الحمد لله على إحسانه، والشكر له سبحانه على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشانه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه.
أما بعد: عباد الله! أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فاتقوا الله عباد الله! ومن تقوى الله الاستعداد للوقوف بين يدي الله جل في علاه، فعماذا سيكون السؤال في ذلك اليوم الذي سيجمع الله فيه الأولين والآخرين؟ فاسمع السؤال وأعد الجواب بارك الله فيك: عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: (لا تزول -أي: إلى الجنة أو إلى النار- قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وماذا عمل فيما علم)، رواه الترمذي وقال الألباني: وإسناده حسن.
فلا تظن أن الأمر سهل عبد الله! بل في ذلك اليوم يشتد غضب الجبار جل جلاله على من خلقه فعبد غيره، وعلى من رزقه فشكر غيره، وعلى من أسبغ عليه النعم ثم عصاه.
عن عبيد الله بن مقسم أنه نظر إلى عبد الله بن عمر وهو يحكي عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر في قول الله تبارك وتعالى:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}[الزمر:٦٧]، قال صلى الله عليه وسلم:(يأخذ الله عز وجل سماواته وأرضه بيديه فيقول: أنا الله، ويقبض أصابعه ويبسطها ويقول: أنا الملك)، قال ابن عمر:(والله! كأني أنظر إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء منه، والنبي صلى الله عليه وسلم واقف عليه، وأنا أقول: أساقط هو برسول الله صلى الله عليه وسلم؟).