إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
معاشر الأحبة! أرسل الله الرسل، وأنزل الكتب، وانقسم الناس إلى قسمين: مؤمن وكافر، فريق حق وفريق باطل.
ومن سنن الله التي لا تتغير ولا تتبدل سنة الابتلاء وسنة الصراع، ابتلاء للمؤمنين في كل مكان؛ حتى يرفع الله من درجاتهم، وليبتلي ما في صدروهم، وليمحص ما في قلوبهم، قال تعالى:{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}[آل عمران:١٤٢].
ولقد مضت سنة الابتلاء على الأولين، قال تعالى:{وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}[العنكبوت:٣] فلا بد من الابتلاء، ولن تتمكن أمة الإسلام حتى تبتلى، كما جاء في الحديث عند مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إن الله أمرني أن أعلمكم مما علمني إياه، إني خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين- ثم قال في سياق الحديث- ثم بعثتك لأبتليك وأبتلي بك) فسنة الابتلاء ماضية حتى يرث الله الأرض ومن عليها.