لعل أعظم ما حدث في عامنا المنصرم هو ما حدث في شرق آسيا، تلك الآية العظيمة التي بلغ خبرها القاصي والداني، كيف لا وفي دقائق معدودة حدث ما حدث من الآيات العظام، لقد تغير مجرى هذا الكون رأساً على عقب، لقد تحركت الأرض، وماجت الجبال، وفاضت المياه والبحار والأنهار، واهتزت الأرض تحت أقدام البشر، فمات من مات، وهلك من هلك، وشرد من شرد، وأصيب من أصيب، وحدثت مصائب وآلام لا يعلم بها إلا الله، لقد حدثت في دقائق معدودة، ولكن للأسف الشديد فإن سكان الأرض لم يستفيدوا من تلك الآية، ولم ينزلوها في مكانها الصحيح، فالذي حدث أن وسائل الإعلام نقلت لنا الخبر وتكلمت عن أسباب الزلازل وأسباب الفيضانات، ونظروا إليها من المنظور العلمي، وما ذكروا أنها عقوبة من الله جزاء مخالفة أهل الأرض أوامر الله تبارك وتعالى، فالأمر أمره، والأرض أرضه، والسماء سماؤه، يفعل ما يشاء و {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ}[الأنبياء:٢٣].
لقد رأينا بأم أعيننا على شاشات التلفاز والقنوات تلك الأحداث التي جرت، لكن ليس الخبر كالمعاينة، فقد نقلت لنا وسائل الإعلام الخبر إلا أننا لا نستطيع أن نتصور ما حدث هناك حقيقة، فالذي حدث -والله الذي لا إله إلا هو- أمر يفوق تصور الإنسان، ولا يستطيع الإنسان بعقله المحدود أن يتصور ما حدث هناك، حتى حين ترى وتقف في تلك الأماكن فإن العقل يقف حيراناً، كيف حدث هذا؟! وكيف تم هذا في لحظات؟! وما هي تلك القوة التي أحدثت كل هذا الدمار في لحظات معدودة؟! إنها قوة الجبار الذي إذا أراد أمراً فإنما يقول له: كن فيكون.
وقد ذهبت إلى هناك وشاهدت بأم عيني ماذا حل من الدمار، ورأيت ومع إنني رأيت لكنني والله لا أستطيع أن أصور حقيقة الأمر، فالأمر أكبر مما أستطيع أن أستوعبه أنا أو تفهمه أنت، والأمر أعظم من أن نذكره في كلمات، والأيام القادمة وما يليها ستكشف لنا حقيقة الأمر الذي كان هناك، في كل يوم كنت أتنقل من منطقة إلى منطقة والسؤال الذي كان يدور في خاطري دائماً ماذا كان يصنع هؤلاء حتى حل عليهم هذا؟ هل هو زنا وشرب خمور؟ الأمر أعظم من هذا كله، والأيام القادمة ستكشف لنا الحقيقة.