قال ابن القيم رحمه الله: فإن الصدقة تفدي من عذاب الله تعالى، فإن ذنوب العبد وخطاياه تقتضي هلاكه فتجيء الصدقة تفديه من العذاب وتفكه منه؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم للنساء يوم العيد:(يا معشر النساء! تصدقن ولو من حليكن فإني رأيتكن أكثر أهل النار)، وفي رواية أخرى قال:(رأيت النار، ورأيت أكثرها النساء)، قال:(يكثرن اللعن ويكفرن العشير).
إذا رأت من الرجل شيئاً تقول: ما رأيت منك خيراً قط، وتنسى بحر الحسنات في سيئة من السيئات، فاتقي الله يا أمة الله، واتصفي واقتدي بـ عائشة وأمهات المؤمنين، أهدى معاوية لـ عائشة ثمانين ألفاً، تقول جاريتها: فما جاء المساء حتى أنفقتها كلها وكانت صائمة رضي الله عنها وأرضاها، فقالت لها جاريتها: هلا أبقيت لنا درهماً نشتري به طعاماً، قالت: لو ذكرتني، فهم إذا وجدوا أبواب الخير والمعروف انفتحت لا يتوانون ولا يتأخرون، بل يسابقون ويسارعون؛ لأن الله هو الذي دعاهم، فينسون أنفسهم عند فعل الخير، فعجب أمرهم.
قال يحيى بن معاذ وكأنه يتكلم عن أهل دنيانا: عجبت من ثلاث: رجل يرائي بعمله مخلوقاً مثله ويترك أن يعمله من أجل الله، ورجل يبخل بماله وربه يستقرضه منه فلا يقرضه إياه، ورجل يرغب في صحبة المخلوقين ومودتهم، ولا يرغب في صحبة الله ومودته.