اسمع خبراً من أخبارهم: قتل يوم بدر حارثة العابد الزاهد الملازم للمساجد فجاءت أمه أم حارثة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم شاكية باكية قالت: يا رسول الله! أخبرني عن حارثة أين هو؛ في النار فأبكيه أم في الجنة فأفرح لما هو فيه؟ قال:(يا أم حارثة أمجنونة أنت؟! إنها ليست جنة ولكنها جنان، وإن حارثة أصاب الفردوس الأعلى).
قال الله جلا في علاه:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا}[الكهف:١٠٧]، وقال جل في علاه:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[يونس:٩ - ١٠].
لله قوم أخلصوا في حبه فاختصهم ورضي بهم خداما قوم إذا هجم الظلام عليهم قاموا فكانوا سجداً وقياما يتلذذون بذكره في ليلهم ونهارهم لا يفترون صياما فسيفرحون بورد حوض محمد وسيسكنون من الجنان خياما وسيغنمون عراساً بعرائس ويبوءون من الجنان مكانا وتقر أعينهم بما أخفى لهم وسيسمعون من الجليل سلاما هذا طريقهم فأين السالكون؟ وهذا وصفهم فأين المشمرون؟ كان رجل من الموالي اسمه صهيب وكان يكثر قيام الليل والبكاء، فعوتب على ذلك فقال: إن صهيباً إذا ذكر الجنة طال شوقه، وإذا ذكر النار طار نومه.