[بعث الرسول عليه الصلاة والسلام حملة استكشافية أخرى]
وعندما عاد إلى مقر القيادة بعث الاستخبارات من جديد ليتحسس الأخبار، فبعث ثلاثة: علياً والزبير وسعداً، الرجل منهم بألف رجل، بعث ثلاثة وكل واحد منهم يقول: الزاد عندي! فوجد هؤلاء الثلاثة - علي والزبير وسعد - غلامين لقريش يملأان الماء لجيش مكة، فأخذوهما إلى معسكر المسلمين، فاستجوبهما النبي صلى الله عليه وسلم وسألهما عن مكان قريش، فقالا: هما وراء ذلك الكثيب الذي ترى بالعدوة القصوى.
قال:(كم القوم؟ قالا: كثير، فقال: كم ينحروا جزوراً في اليوم؟ قالا: ينحرون كل يوم ما بين تسع إلى عشر جزر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: القوم ما بين تسعمائة إلى ألف) فهو قائد يعرف خطط الحرب من أولها إلى آخرها، ثم سأل الغلامين عن جيش مكة؟ فذكروا صناديد قريش وكبرائها، فذكروا له: عتبة وأخاه شيبة وأبا جهل وأبا البحتري بن هشام وأمية بن خلف والعباس عم النبي صلى الله عليه وسلم وسهيل بن عمرو وغيرهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لما تأكد من قوة جيش العدو وأنه خرج بكامل عدته، وخرج بكبرائه وسادته:(هذه مكة قد ألقت إليكم بفلذات أكبادها) يعني: قادتها وصناديدها وسادتها، فقد جاءوا يحاربون الله ورسوله.
والأمر شورى كما علمنا القرآن، وكما كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يوجد انفراد في أي قرار عن المسلمين، ولا ينفرد أحد منهم بقرار يمس مصلحة الأمة، قال الله:{وأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ}[الشورى:٣٨].