ثم يبدأ خالد دوره بين صفوف المسلمين جندياً من الجند، ولم يستصغر الأدوار التي كان يقوم بها، فالأمة اليوم في أمس الحاجة إلى جهد كل واحد منا رجالاً ونساءً وأطفالاً، فجراحات المسلمين في الشرق والغرب وفي كل مكان.
لقد خرج خالد في جيش أرسله النبي صلى الله عليه وسلم لملاقاة الروم الذين خانوا العهود والمواثيق، فهم الذين أرسل إليهم رسولاً فخانوا مواثيق الأرض كلها، وخانوا الأعراف كلها، فقتلوا ذلك الرسول الذي أرسله النبي صلى الله عليه وسلم، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يريهم أن شوكة الإسلام ليست بالشوكة الهينة، وأن جند الإسلام على استعداد للتضحية من أجل دينهم، فأرسل قلة قليلة لا تتجاوز الثلاثة آلاف لكنها أرعبت الروم حين خروجها، فخرجت الروم في جحافل كثيرة تعدادها أكثر من مائة وعشرين ألفاً، فبالله عليك! ثلاثة آلاف ماذا سيصنعون أمام مائة وعشرين ألفاً؟ لكن أمة الإسلام أبداً لا تقاتل بالعدة والعتاد، مع أنها مطالبة بإعداد ذلك، ولكنها تستجلب النصر من السماء وليس من الأرض:{إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ}[آل عمران:١٦٠]، {قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُوْلِي الأَبْصَارِ}[آل عمران:١٣]، ومثلها قوله تعالى:{كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}[البقرة:٢٤٩].