الحمد لله على إحسانه، والشكر له سبحانه على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه.
أما بعد: أحبتي! أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فاتقوا الله عباد الله! قال تعالى:{وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ}[البقرة:٢٨١].
عباد الله! إن نجاح الأمم يرجع إلى مقدار علو همم شبابها، وإلى مقدار آمالهم وأعمالهم.
يا معشر الشباب! إن الشباب هو القوة، فالشمس لا تملأه النهار في آخره كما تملؤه في أوله، الشباب ثقة وإصرار وعزيمة، الشباب لا يكل ولا يتعب من التعب، كانت حكمة الشباب التي يعملون عليها: اطلب الموت توهب لك الحياة، والنفس إذا لم تخش الموت عاشت عزيزة، إن شجاعة الأسد هي التي جعلته لا يثمن كما تثمن الشاة للذبح، سيكتب التاريخ بأحرف من نور أولئك الشباب الذين التفوا حول نبيهم، ونصروا الإسلام بهمم عالية، وغيروا مجرى التاريخ بإيمانهم وعقيدتهم، هل تأملت معي المشهد حين دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة فاتحاً؟! من الذي كان خلفه ورديفه على ناقته؟! إنه أسامة، حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن حبه، ما أجمله وأروعه من منظر والشاب الصغير خلف نبيه على بعيره، وذراعيه ملتفة حول النبي صلى الله عليه وسلم، كان صلى الله عليه وسلم يقول لـ عائشة عن أسامة:(يا عائشة! أحبيه، فإني أحبه).
وفي سن مبكرة لم تتجاوز العشرين أمر النبي صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد على جيش بين أفراده وجنوده أبو بكر وعمر بن الخطاب، وسرت همهمة بين نفر من المسلمين تعاظمهم الأمر، واستكثروا على الفتى الشاب إمارة جيش فيه شيوخ الأنصار وكبار المهاجرين، فقال صلى الله عليه وسلم:(إن تطعنوا في إمارته فقد طعنتم في إمارة أبيه من قبله، وأيم الله لقد كان خليقاً للإمارة، وإن كان لمن أحب الناس إلي، وإن هذا - يعني: أسامة ابنه- لمن أحب الناس إلي بعده، وإنه أهل للإمارة والإمارة أهل له)، أتدري أيها الشاب لماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم هذا؟ لأنه رضي الله عنه على حداثة سنه كان مؤمناً صلباً، ومسلماً قوياً يحمل كل تبعات إيمانه ودينه في ولاء مكين، وعزيمة قاهرة جعلته قريباً من قلب النبي صلى الله عليه وسلم، وكبيراً في عينيه، هذا حال شباب الأمس، فما أخبار شباب اليوم؟ وللإنصاف ليس كلهم، لكن للأسف أكثرهم، شباب موسيقى وألحان، وشباب شاشات وقنوات، شباب مقاهي واستراحات، شباب في الأسواق والمجمعات؛ لانتهاك أعراض المسلمات، شباب (أكاديمي استار) برنامج الفجار، شباب كرة القدم بالليل والنهار، كرة القدم وما أدراك ما كرة القدم؟ كرة القدم أكلت عقول شبابنا ويهود تجتاح الحرم عجباً لآلاف الشباب وإنهم أهل الشيم دخل العدو بلادهم وضجيجها زرع الصمم أيسجل التاريخ أنا أمة مستهترة شهدت سقوط بلادها وعيونها فوق الكرة؟ بطولاتنا كانت في بدر والقادسية واليوم بطولاتنا في ملاعب الكرة، أين الذين يقولون: إما أن يحيا الإسلام عزيزاً أو لا خير في الحياة؟!