للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[الصراط]

لم ينته الموقف، ولم تنته الشدائد، ستؤمرين بعدها أن تعبري الصراط الذي بعده إما جنة وإما نار.

جاء في حديث أبي هريرة عنه صلى الله عليه وسلم أنه ذكر: (ويضرب جسر على متن جهنم، قال صلى الله عليه وسلم: فأكون أول من يجيز ودعاء الرسل يومئذ: اللهم سلم اللهم سلم، وبه كلاليب مثل شوك السعدان، -نبت له شوك معكوف- قال: أرأيتم شوك السعدان؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال: فإنه مثل شوك السعدان، غير أنها لا يعلم قدر عظمها إلا الله، فتخطف الناس بأعمالهم، فمنهم الموبق بعمله -يعني: المهلك- ومنهم المخردل -يعني: المقطع بالكلاليب- ثم ينجو.

فمنهم من يعبره كطرف البصر، ومنهم كالبرق، ومنهم من يعبره كالريح، ومنهم من يعبره كأجاويد الخيل والركاب، فناج مسلم، وناج مخدوش، ومكردس في نار جهنم، ومنهم من يحبو حبواً، ومنهم من يمشي مشياً، ومنهم من يسحب سحباً).

فقولي لي بالله كيف سيكون العبور؟ قيل لأحد الصالحين وقد مات ورئي في المنام: ماذا صنع بك ربك؟ قال: وضعت قدماً على الصراط والقدم الأخرى في الجنة.

كيف ينهي ذلك اليوم، وكيف يكون المصير.

ينقسم الناس إلى فريقين: فريق في الجنة، وفريق في السعير، قال سبحانه: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ * قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} [الزمر:٧١ - ٧٢].

والفريق الثاني: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ * وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ * وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الزمر:٧٣ - ٧٥].

فريق في الجنة وفريق في السعير، ينادى أهل الجنة: أن خلود بلا موت، إن لكم أن تصحوا فلا تمرضوا أبداً، إن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبداً، إن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبداً، إن لكم أن تقيموا فلا تظعنوا أبداً.

ينادى أولئك: أن يا أهل النار خلود بلا موت {ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ * وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ * يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} [هود:١٠٣ - ١٠٥].

فلك الخيار أن تختاري إلى أي الفريقين تريدين، لابد من الاستعداد لهذا اليوم -أخية- قبل أن نصيحي بأعلى الصوت: رباه ارجعون! فلا يستجاب لك.