تقول إحدى الغارقات: كنت أجمع الشعر الساقط وأحفظه وأتداوله مع الفتيات، كنا نظن أن تلك السعادة ولكن الله أراد لي هداية ونجاة من أمواج الشهوات، جلست في إحدى المحاضرات يوماً في الكلية بجانب فتاة صالحة مستقيمة، كانت قد كتبت على دفتر محاضراتها هذا الدعاء:(اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك) قلت: نحن نكتب الشعر الساقط وهؤلاء الفتيات يكتبن مثل هذه الكلمات.
فهزتني الكلمات، وتأثرت بها تأثراً شديداً، فماذا عملت؟ سألت نفسي وقلت: ماذا عملت أنا حتى أنجو بنفسي من عذاب الله؟ فأخذت أبكي وشعرت هي ببكائي، وسألتني عن السبب، فأخبرتها بأنه الدعاء المكتوب على دفتر محاضراتها، وقلت: لقد أثر في، قالت: الحمد لله أراد الله بك خيراً، فاعملي بارك الله فيك لكي تنجي من عذاب الله.
كلمات بسيطة عظيمة في معناها، أيقظتها من غفلتها، وأنتِ يا من لا زلت تغرقين بين شاشات وقنوات، ومحادثات على الإنترنت ومعاكسات، تصرين على الذنب تلو الذنب، وتتهاونين في الصلوات، أما آن أن تتوبي وتقلعي عن الذنب وتئوبي؟ أما آن أن تحاسبي النفس وتقولي: يا نفس توبي قبل أن لا تقدري أن تتوبي واستغفري لذنوبك الـ ـرحمن غفار الذنوب إن المنايا كالريـ ـاح عليك دائمة الهبوب والله إنك لا تقوين على عذاب الله، فلا تحاربيه بالمعاصي، وتذكري موقفاً ستقفينه بين يديه عارية حسيرة كسيرة، الكل ينظر إليك، يالله! كيف سيكون حالك إذا دكت الأرض دكاً دكاً، وجاء ربك والملك صفاً صفاً؟ يا الله! كيف سيكون حالك إذا جيء يومئذ بجهنم، يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى؟ أما حال الغارقات فيقلن:{يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي * فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ}[الفجر:٢٤ - ٢٦].