للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الهدف الذي يعيش له الشباب اليوم]

بصراحة: ماذا يريد الشباب اليوم؟! وما الهدف الذي يحيا من أجله كثير من الشباب؟! اعلم بارك الله فيك أنه من أراد الوصول فعليه بالأصول، ومن سار على الدرب وصل، وما ربك بظلام للعبيد، الطريق واضح الطريق مستقيم لا اعوجاج فيه يمنة ولا يسرة، إنما الاعوجاج في طريق المنكرات والفواحش والمخالفات، لذلك كان من فضل الله علينا وعلى الناس أن جعل الصراط مستقيماً حتى تقوم الحجة على الصغير وعلى الكبير، وأنت كل يوم يا من تصلي تسأل الله الثبات على هذا الصراط المستقيم لأن الإغراءات كثيرة، لكن من تعرف على الله تعرف الله عليه.

شاب أعرفه رويت لي أخباره تمام المعرفة، يقول أخوه: منذ صغره وهو متعلق بالمساجد، شاب نشأ وترعرع في طاعة الله، أحسبه والله حسيبه من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، فكما أننا نرى نماذج من الضياع نرى ولله الحمد نماذج كثيرة للاستقامة، وهؤلاء حجة على أولئك، لا يتعذر الشباب ويقول كثير منهم: نحن لا نستطيع، نقول: إن استطاع فلان فأنت أيضاً تستطيع؛ لكن خذ بالأسباب وخذ بسبل النجاة التي سلكها فلان حتى تنجو أنت.

يقول أخوه: نشأ وترعرع في طاعة الله، كبر وهو يحب المساجد ويحب أهل المساجد، لما التحق بالوظيفة التحق بالسلك العسكري، فكان ذلك اليوم يوماً مشهوداً لا ينساه أبداً، ويتذكر ذلك اليوم حين قوبل في مقابلة القبول ووافقوا عليه موظفاً في السلك العسكري، جاء اليوم الذي ستسلم فيه البطاقة له، فقال له الذي يأخذ الصور: أنت بلحيتك هذه، إن تصورت اليوم على هذه الصورة فأنت لا تستطيع بعدها أن تزيل هذه اللحية! فهل تريد إزالتها قبل أن نأخذ لك صورة؟ قال: أسأل الله أن يأخذ عمري قبل أن أبدل سنة محمد صلى الله عليه وسلم، سنوات وأنا أعتني بسنة محمد صلى الله عليه وسلم، سنوات وأنا أعتني بمظهري ثم آتي الآن من أجل وظيفة أتخلى عن دين الله أو أتخلى عن أي شيء من دين الله، خذ الصورة وكلي عزة أنني أقتدي بمحمد صلى الله عليه وسلم.

فأخذت له الصورة في لحية تجلله وتجلل وجهه يظهر منها أثر النور، نسأل الله أن يتقبله فيمن عنده.

ثم بدأ يسلك طريق الاستقامة مع المستقيمين ويعمل مع العاملين، يقول أخوه: والله لا يهدأ بالليل ولا بالنهار يعمل على إصلاح الشباب وعلى استقامة الشباب بالليل والنهار، يأتيه الناس في حوائجهم وهو لا يكل ولا يمل، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أنفع الناس أنفعهم للناس)، وسئل عن رجل يخالط الناس ويتحمل أذاهم، وعن آخر لا يخالط الناس ولا يتحمل أذاهم فقال صلى الله عليه وسلم: هذا أحب إلى الله وخير عند الله.

أي: الذي يسعى في هداية الناس ويسعى في قضاء حوائج الناس.

يقول: حتى إذا بلغ سن الزواج تزوج ثم رزقه الله بصبية وبنات وهو لا يكل ولا يمل في العمل الدعوي والعمل الخيري، ثم التحق بأحد الهيئات الخيرية يعمل معهم في نصرة الإسلام وفي نصرة المسلمين، حتى إذا بلغ متوسط العشرين أو دونها أو أكثر منها بقليل أصابه مرض وما علم أحد بمرضه، كان يتألم ألماً شديداً ولم يظهر لأحد من الناس ضعفه ولا ما سببه له المرض، كان يتألم ولا يبث شكواه إلا إلى الله جل في علاه، ثم بدأ المرض يتفاقم ويزيد عليه.

كان يخفي عن أمه آلامه حتى لا تتأذى المسكينة وتحمل هم مرضه، يقول: حتى إذا بلغ المرض منه مبلغة أخذناه إلى الطبيب، فقال الطبيب: إنه مصاب بورم خبيث في بطنه ولا بد أن يرضخ ويجلس للعلاج.

بدءوا علاجه بالمسكنات حتى يخففوا عنه الآلام.

ثم تفاقم المرض وزاد وكان لا بد أن يعالجوه بالجرعات الكيماوية، الجرعات الكيماوية هي الأخرى ماذا تسبب؟ أبسط مسبباتها أنها تسبب تساقط الشعر، سبحان الله! كان دائماً يدعو أن يثبته الله على دينه وأن يلقى الله غير مبدل ولا مغير، كان يعتز بمظهره الذي يدل عليه! سبحان الله! يقول الطبيب الذي عالجه: بدأنا بإعطائه جرعات كيماوية، سبحان الله! أول ما يظهر على المريض من مفاعلات عكسية من أثر هذه الجرعات أنه يتساقط الشعر، يقول: والله الذي لا إله إلا هو ما سقطت شعرة واحدة من جسمه، يقول الطبيب: كنت أتعجب! كل المرضى تحدث لهم مثل هذه الأعراض وكلهم يتساقط شعر جسدهم، يقول: كنت آتية وهو نائم في إغماءة كاملة من أثر هذه الجرعات ومن أثر الآلام التي كان يعانيها، وكنت أشد لحيته فلا تسقط منها شعرة واحدة؛ لأنه كان يدعو الله أن يلقى وهو غير مبدل ولا مغير.

اعتز بدينه فاعتز الله به، ثبت على دينه فثبته الله في أشد اللحظات، مات ولكن موته كان له أكبر الأثر على غيره، كثير يموتون وتنقضي أخبارهم بعد ثلاثة أيام، وآخرون يموتون ويحيا بموتهم أقوام، حتى في ساعات مرضه كان يدعو من حوله، أما يكفي أن الله أكرمه عند موته ولقي الله وهو معتز بسنة محمد صلى الله عليه وسلم، التي قال لصاحب الوظيفة: والله إني لن أتخلى عن لحيتي ولا طرفة عين.

فثبته الله في لحظات موته!