قال ابن عطاء: إن للدعاء أركاناً، وأجنحة، وأسباباً، وأوقاتاً، فإن وافق أركانه قوي، وإن وافق أجنحته طار في السماء، وإن وافق مواقيته فاز، وإن وافق أسبابه نجح.
فأركانه: حضور القلب، والرأفة، والاستكانة، والخشوع بين يدي علام الغيوب.
وأجنحة الدعاء: الصدق مع الله، ومواقيته: الأسحار، وأسبابه: الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قيل لـ إبراهيم بن أدهم: ما بالنا ندعو فلا يستجاب لنا؟! قال: لأنكم عرفتم الله فلم تطيعوه، أما قال الله:{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}[المائدة:٩٢]، وعرفتم الرسول فلم تتبعوا سنته، أما قال سبحانه:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}[آل عمران:٣١]، وعرفتم القرآن فلم تعملوا به، أما قال جل وعلا:{كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ}[ص:٢٩]، وأكلتم نعمة الله فلم تؤدوا شكرها، أما قال جل وعلا:{يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا}[النحل:٨٣]، وعرفتم الجنة فلم تطلبوها، أما قال تبارك وتعالى:{وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}[الزخرف:٧٢]، وعرفتم النار فلم تهربوا منها، أما قال جل من قائل:{وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا}[الفرقان:٦٥]، وعرفتم الشيطان فلم تحاربوه ووافقتموه، أما قال سبحانه:{إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ}[فاطر:٦]، وعرفتم الموت فلم تستعدوا له، أما قال سبحانه:{قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}[الجمعة:٨]، ودفنتم الأموات فلم تعتبروا، أما قال سبحانه:{فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ}[الحشر:٢]، وتركتم عيوبكم واشتغلتم بعيوب الناس قال سبحانه:{لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ}[الحجرات:١١].