وكيف شاع الخبر أن محمداً صلى الله عليه وسلم قد قتل؟ لقد كان مصعب بن عمير أكثر الناس شبهاً بالنبي صلى الله عليه وسلم، فقتل ابن قمئة مصعباً الشاب الطاهر العفيف الذي كان له دور كبير في دخول الإسلام إلى المدينة، مات مصعب ولم ير عز الإسلام وانتصار المسلمين، وما نقص هذا من أجره شيئاً، لكنه قد فاز، حيث تستقبله الحور العين في جنات النعيم، وعندما قتل الكفار مصعباً وكان شبيهاً بالنبي صلى الله عليه وسلم ظنوا أنهم قد قتلوا محمداً وشاع الخبر يمنة ويسرة، وما كان قد بقي من قوة في المسلمين خار وانهار عند سماع هذا الخبر، فإذا بـ أنس بن النضر الذي كان مع المسلمين في معسكر الكفار يسمع الخبر، فوقف في أرض المعركة يقول: إلى أين يا قوم؟! قالوا: قد مات محمد صلوات ربي وسلامه عليه، قال: إن كان محمد قد مات فرب محمد حي لا يموت، اللهم إني أبرأ إليك مما صنع هؤلاء، وأعتذر إليك مما فعل هؤلاء - يعني المسلمين - ثم انطلق ليقاتل الكفار، فلقيه سعد بن معاذ فقال: إلى أين يا أنس؟! قال: واه لريح الجنة يا سعد! والله إني لأجد ريح الجنة دون أحد، فخرج يقاتل القوم حتى قتل، يقول أنس: والله ما نرى إلا أنه نزل فيه قوله تبارك وتعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}[الأحزاب:٢٣].