قل لي واسألني: كيف ترتفع الهمم؟ أولاً: لا بد أن نحدد لحياتنا هدفاً، وأن نجعل لحياتنا قيمة، كثير من الناس حياتهم كالعدم، بل فقدهم أحسن من وجودهم، ماذا قدموا لأنفسهم، وماذا قدموا لدينهم، وماذا قدموا لأمتهم؟ يأكلون ويشربون ويتمتعون كما تأكل الأنعام، هذا همهم وهذه حياتهم.
أما أصحاب الهمم العالية فلهم هدف ولهم مقصد، هدفهم أن تكون كلمة الله هي العليا، وكلمة الذين كفروا هي السفلى، يحيون ويعيشون ويموتون من أجل هذا، فإذا تحدد الهدف وضح الطريق.
واعلم يا صاحب الهمة العالية! أن في الطريق عقبات وزلات يتجاوزها صاحب الهمة العالية إذا عرف معنى:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}[الفاتحة:٥].
يقول ابن القيم: إن العبد المؤمن إذا وقف أمام الجبل وقال أزيحه يزيحه بإذن الله، إذا وقف صاحب الهمة العالية والإيمان الراسخ في القلب أمام جبل وقال: أزيله أزاله بإذن الله، إذا عرف معنى:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}[الفاتحة:٥].
واعلم -رعاك الله- أن لا شيء مستحيل في هذا الكون إلا أمران: الأمر الأول: تغيير الأمور الكونية، الله يأتي بالشمس من المشرق، فهل نستطيع أن نأتي بها من المغرب؟ مستحيل.
الأمر الثاني: تغيير الأمور الشرعية، فدين الله لا يقبل التغيير ولا يقبل التبديل، الله فرض صلاة الظهر أربعاً فهل نستطيع أن نجعلها ثلاثاً أو خمساً؟ مستحيل.
هذان هما المستحيلان فقط، أما ما دونهما فلا مستحيل.
واعلم وأنت تسير في الطريق أن كلمة (مستحيل) لا توجد إلا في قاموس العاجزين، واعلم أن أسهل شيء يمكن تحقيقه هو الفشل.
ولا بد أن تعرف أن للطريق عقبات تتجاوزها إذا عرفت معنى {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}[الفاتحة:٥]، ولكن حدد وأنت تسير في الطريق أنت تعمل من أجل من؟ هل العمل لله أم لغير الله؟ هل المقصد الآخرة أم المقصد الدنيا؟ هل الهدف جنة الرحمن أم الدنيا وما فيها؟ فحدد الطريق وحدد لمن تعمل.