قال الله تعالى:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}[الأحزاب:٢١].
إن نبينا الكريم قد عرضت عليه الدنيا بما فيها، ولكنه زهد فيها ورغب عنها.
يقول الحسن البصري: دخلت بيوت النبوة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بحين، دخلتها وهي على ما هي عليه لم تتغير، فرفعت يدي فلمست سقف المكان، ونظرت في جدرانها، ونظرت في أساسها، فإذا بجدرانها من الطين والجريد.
وقد دخل عليه عمر رضي الله عنه وأرضاه وقد أثر الحصير في جنبه، فبكى عمر متأثراً وقال: بأبي أنت وأمي، أنت أحب البشر إلى الله وملوك فارس والروم تنعم بالديباج والحرير، فقال النبي صلى الله عليه وسلم مصححاً لـ عمر مفهومه:(أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة؟!).
تقول عائشة رضي الله عنها:(كان يمر الهلال ثم الهلال ثم الهلال ثلاثة أهلة في شهرين ولا يوقد في بيتنا نار، قال عروة: قلت: يا خالة! ما كان طعامكم؟ قالت: الأسودان: التمر والماء).
وما شبع آل محمد من خبز الشعير ثلاثة أيام متتالية، وخبزت فاطمة خبزاً في مرة من المرات فأتت إلى أبيها بكسرة خبز فأكلها وقال:(أما إنها أول طعام دخل بطن أبيك منذ ثلاثة أيام).
هكذا عاش من يريد ما عند الله تبارك وتعالى، وقد خيره الله بين الملك والرسالة وبين العبودية والرسالة، فقد ورد:(أنه جاءه جبريل فقال: معي ملك الجبال، إن شئت أن يحول لك جبال مكة ذهباً وفضة فعل، وإن شئت جعلك الله ملكاً رسولاً، وإن شئت جعلك عبداً رسولاً) فاختار العبودية مع حمل الرسالة، وقال:(بل عبداً رسولاً، أشبع يوماً فأشكر الله، وأجوع يوماً فأحمد الله) فماذا غيرت الأمة وبدلت من بعده؟! يقول سعيد بن المسيب رحمه الله: لما هدمت بيوت النبوة ما رأيت باكياً في المسجد كما رأيت في ذلك اليوم، ليتهم أبقوها حتى تأتي الأمة من مشارق الأرض ومغاربها وترى كيف كانت حياة نبيها صلى الله عليه وسلم.