[العاصي يشارك في إضعاف وهزيمة الأمة]
وأخيراً: أهمس لأولئك الذين يستهينون بالمنكرات والأوامر الشرعية صغيرة كانت أو كبيرة، وسط هذا الوسط المؤلم الخطير الذي تعيشه بلادنا وأمتنا أن ينتبهوا إلى أن معاصيهم ومنكراتهم لا تعود بالضرر عليهم فقط، بل يعود على الأمة بأكملها، فهم من أسباب الانهزام والتآكل والضعف، ومن المؤلم أنه على رغم الأحداث الأخيرة الخطيرة التي مرت بنا، فإن الكثير من المسلمين أفراداً ومجتمعات لا زالوا مصرين على الذنوب والابتعاد عن منهج الله، بل بعضهم يجاهر بمعاصيه في كل مكان.
والله إن هذه خيانة لله ولرسوله، والله إنها خيانة لله ولرسوله، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال:٢٧].
إن كل عاصٍ متخلف عن أوامر الله هو من أسباب ضعف الأمة، وكل مطيع سائر على الصراط المستقيم هو من أسباب نصرها.
من صلى الفجر اليوم في جماعة فهو من أنصار هذا الدين، فأسألك بالله العظيم هل كنت في صفوف الذين صلوا ودعوا وتضرعوا، أم كنت في صفوف المتخلفين؟! وهل كنت سبباً من أسباب قوة الأمة اليوم، أم من أسباب ضعفها؟! قال تعالى: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ} [الزخرف:٧٦].
إن الله لا يجامل أحداًَ، ولا يحابي أحداً، فليس بيننا وبين الله إلا هذا الدين، إن قمنا به ونصرناه فلقد وعدنا بالنصر والتمكين، قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} [النور:٥٥].
فاتقوا الله عباد الله! فإنه ليس هناك عاقل يرضى بما يحدث في بلادنا وفي بلاد المسلمين، لكن قبل أن نُخطَّئ بعضنا البعض لا بد أن نراجع الحسابات، ولا بد على الراعي والرعية أن يتكاتفوا فيما بينهم لإنقاذ السفينة من الغرق، ولا بد على الراعي والرعية أن يتناصحوا فيما بينهم لإنقاذ السفينة من الغرق.
اللهم من أرادنا وبلادنا وبلاد المسلمين بسوء فأشغله بنفسه، واجعل تدبيره في تدميره، وكيده في نحره يا رب العالمين.
اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين.
اللهم طهر بلادنا وبلاد المسلمين من الفواحش والمنكرات ما ظهر منها وما بطن يا رب الأرض والسماوات.
اللهم امنن علينا بتوبة نصوح يا رب العالمين، واغفر ذنب المذنبين، واقبل توبة التائبين، وردنا إليك رداً جميلا يا رب العالمين.
اللهم اجمع كلمة المسلمين على الحق يا رب العالمين، اللهم من حاد منهم عن الصواب فرده إلى الحق والصراط المستقيم يا رب العالمين، اللهم اجمع كلمة المسلمين على الحق يا جبار السماوات والأرضين.
اللهم انصر المجاهدين في سبيلك والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، اللهم أيدهم بتأييدك يا حي يا قيوم.
اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء والربا، وقنا الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن.
اللهم اجمع كلمة حكام المسلمين على الحق يا رب العالمين، وأصلح الراعي والرعية يا رحمان السماوات والأرضين.
اللهم اكبت عدوك وعدونا من اليهود والنصارى الذين يمكرون بنا مكر الليل والنهار، ندرأ بك اللهم في نحورهم، ونعوذ بك اللهم من شرورهم، اللهم اجمع قلوبنا على الحق يا حي يا قيوم.
عباد الله! {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل:٩٠]، فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العنكبوت:٤٥].