للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الصلاة نور وعلاج للهموم والغموم]

إن الصلاة نور، وأنت لن تستطيع أن تسير في الظلمات، وكثير يتخبطون ويشكون من الهموم والغموم، ومآسي الشباب في كل مكان كثيرة، وعلاجهم: ادخلوا بيوت الرحمن، وانضبطوا في صفوف المصلين.

وقد التقيت بثلاثة من الشباب على إحدى الطرق الشمالية في ساعة متأخرة من الليل، فتوقفت وركب الثلاثة، وقلت: أين تريدون؟ قالوا: نريد الدمام، ودار بيني وبينهم هذا الحديث: قلت: ماذا تريدون من هناك؟ قالوا: نبحث عن وظائف.

ولا عيب أن الإنسان يسعى في طلب الرزق، لكن العيب كل العيب أن تخرجنا الدنيا ولا نخرج لأوامر الله جل في علاه، نخرج لقضاء حوائجنا ولأكلنا وشربنا ومنادي الله ينادينا: حي على الصلاة، حي على الفلاح، ثم نتهاون في الاستجابة لنداء الله!! فقلت لهم: ما هي الشهادات والمؤهلات التي تحملونها؟ فقال الذي بجواري: أنا عندي شهادة ثاني متوسط، وقال الذي خلفه: أنا عندي أول متوسط، وقال الثالث: أنا لم أكمل السنة الخامسة الابتدائية.

فقلت: ما شاء الله على هذه المؤهلات، لكن ليست هي المؤهلات للحصول على الرزق، فإن الأمر لله من قبل ومن بعد، قال عز وجل: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [فاطر:٢] فنحن نعرف أصحاب شهادات عالية لم يجدوا وظائف ولا مرتبات، ونعرف من لا يقرأ ولا يكتب أنعم الله عليه وصب عليه من البركات، والسر: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ} [طه:١٣٢].

وقد جاء أحدهم إلى أحد الصالحين يشكو ارتفاع الأسعار ويقول: غلت الأسعار، وارتفعت الأثمان للمطاعم والمشارب، وهكذا هو حالنا: نتأثر بارتفاع الأسعار يمنة ويسرة، ولا نتأثر بأحوال المسلمين! ونخاف على ما يسد جوعنا ويملأ بطوننا، ولا نخاف من تقرير مصيرنا إما إلى جنة وإما إلى نار! فقال الصالح: والله! ما أبالي لو أن حبة الشعير بدينار؛ علي أن أعبده كما أمرني وعليه أن يرزقني كما وعدني: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ} [الذاريات:٥٦ - ٥٧].

ثم قلت لهم: هذه هي الشهادات والمؤهلات! اصدقوني كيف أنتم مع صلواتكم؟ فقال الذي بجواري: أقول لك الصدق أم أكذب عليك؟ فقلت: إن كذبت أنت تكذب على نفسك، ولا يضرني كذبك: {وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ} [غافر:٢٨].

فقال: أنا لا أصلي! قلت: كافر.

قال: لا.

قلت: بلى، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر) فكم هناك من الكفار من أبناء المسلمين الذين لا يركعون ولا يسجدون؟! وحدث ولا حرج.

ثم قلت للثاني: وأنت؟! فقال: أنا خير منه.

قلت: وكيف؟ قال: أنا أصلي من الجمعة إلى الجمعة! قلت: وأنت مثله.

ثم قلت للثالث: وأنت؟! قال: أنا أفضل منهما.

قلت: كيف؟ قال: أنا أصلي في اليوم صلاتين! فقلت: هذا دين جديد: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى:٢١] وهذا هو الواقع، شئنا أم أبينا، فطلابنا لا يصلون، بل جاءني سؤال من الطلاب يقول فيه: ما حكم الذي يصلي بدون وضوء؟! قلت: هذا كفر ومن نواقض الإسلام؛ لأنه استهزاء بالدين، فهل يخفى عليه أو على كثير من أمثاله أنه لا صلاة لمن لا طهور له؟! وهل يخفى عليه أن عمود الدين هي الصلاة؟!