ثم يزداد الهول والكرب بأهل الموقف، فتدنو الشمس من رءوس العباد فيغرقون في العرق، فعن المقداد بن الأسود رضي الله عنه قال:(سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تدنو الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل، قال سليم بن عامر: فو الله الذي لا إله إلا هو ما أدري ما يعني بالميل: أمسافة الأرض أم الميل الذي تكتحل به العين؟ قال: فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق: فمنهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حقويه، ومنهم من يلجمه العرق إلجاماً).
عبد الله! أما تتفكر وتتدبر في الموقف وشدته، وفي ذل الخلق وانكسارهم في ذلك اليوم الطويل، والأبصار خاشعة، والقلوب وجلة، وأنا وأنت والجميع في انتظار النهاية كيف تكون؟ وأن يكون المصير؟ مثل لقلبك أيها المغرور يوم القيامة والسماء تمور قد كورت شمس النهار وأضعفت حراً على رءوس العباد تفور وإذا الجبال تقلعت بأصولها فرأيتها مثل السحاب تسير وإذا النجوم تساقطت وتناثرت وتبدلت بعد الضياء كدور وإذا العشار تعطلت عن أهلها خلت الديار فما بها معمور وإذا الوحوش لدى القيامة أحضرت وتقول للأملاك أين نسير؟ فيقال سيروا تشهدون فضائحاً وعجائباً قد أحضرت وأمور وإذا الجنين بأمه متعلق خوف الحساب وقلبه مذعور هذا بلا ذنب يخاف لهوله كيف المقيم على الذنوب دهور