للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صفة الجود ومعناها لغة واصطلاحاً

فإذا قلنا: الجود، فالجود أعظم وأعم من الكرم، وضده: الشح والبخل أعاذنا الله وإياكم منهما.

والجود لغة: من جاد يجود، وكلمة جود تدل على التسامح بالشيء وكثرة العطاء، فهو يعطيه ونفسه راضية ومطمئنة، ثم لا يعطي اليوم ويمسك أياماً، بل هو دائماً كلما تيسر له البذل والعطاء أعطى، ولا يؤجل ولا يسوف أبداً، بل كل ما حانت الفرصة بحث عن الفقير والمحتاج.

والجود اصطلاحاً كما قال الزبيدي: الجواد هو الذي يعطى بلا مسألة؛ صيانة للآخذ من ذل السؤال.

فمن الصعب أن تسأل الناس، حتى ولو كان هذا الذي تسأله أخاك فإن في السؤال مذلة لا يعلمها إلا الله، لكن الحاجة هي التي تدفع الناس إلى السؤال، يقول ابن عمر: أحب الناس إلي من بات وعليه هم ولم يجد أحداً يرمي بهمه عليه إلا أنا.

أي: أحب الناس إلي ذاك الذي بات مهموماً، إما بدين أو بهم أو بغم، أو بأي حاجة من الحوائج، ثم لم يجد من يرمي بهمه عليه إلا أنا، قال: هذا أحب الناس إلي، ما جاءني إلا ثقة ومحبة في.

فالجود اصطلاحاً: قال الزبيدي: الجواد هو الذي يعطي بلا مسألة؛ صيانة للآخذ من ذل السؤال، قال الشاعر: وما الجود من يعطي إذا ما سألته ولكن الجود من يعطي بغير سؤال وورد حديث عند البخاري ومسلم عن أنس قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس، وأجود الناس وأشجع الناس، قال: فزع أهل المدينة ليلة سمعوا هيعة في ناحية من نواحي المدينة، فأسرع الناس إلى ذلك المكان قبل الصوت، فتلقاهم النبي صلى الله عليه وسلم راجعاً على فرس لـ أبي طلحة عري، فقال: لن تراعوا) أي: ليس عليكم بأس، فما نام وتركهم يخافون، بل كان دائماً في قضاء حوائجهم.

تقول عائشة رضي الله عنها: (في آخر حياته كان يصلي جالساً من كثرة ما حطمه الناس)، فهو في حوائج الناس يمنة وغفوة وصباحاً ومساءً، تقول عائشة: (حتى كانت الصبية الصغيرة تأخذه من يده حتى يقضي حاجتها) فهو الذي علمنا فقال: (أنفع الناس أنفعهم للناس) فإذا تماسك الناس فيما بينهم أصبح المجتمع مترابطاً متماسكاً يخاف على بعضه البعض، فكيف أنتم بجار ينام وجاره ليس عنده ما يملأ بطنه؟ أي جار هذا! بأبي أنت وأمي يا رسول الله، من لي بمشيك المدلل تسير بالهون وتأتي في الأول.

يقول عنه جابر: (ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً قط فقال: لا)، لولا التشهد لكانت لاؤه نعم، وقد لبس مرة رداءً جاءوا به هدية له صلى الله عليه وسلم، فرآه أعرابي فقال: يا محمد! أعطني هذا، فخلعه في الحال، ولم يكن عنده غيره.

قال الحسن البصري: الجود بذل المجهود في بذل الموجود، أي: الجود بالموجود الذي عندك بدون تكلف، قال تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:٢٨٦] فهذا عنده مائة ألف فأخرج ألفاً، وهذا عنده مائة ريال وأخرج عشرة ريالات، فهي تعني الشيء الكثير.