كنا في العام الماضي في مثل هذه الأيام نرقب شهر الصوم ونتحراه، ثم ماذا؟! عام كامل بأيامه ولياليه قد قوض خيامه، وطوى بساطه، وشد رحاله بما قدمنا فيه من خير أو شر، وصدق الله - ((وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلاً)) ((وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثاً)) -: {وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}[آل عمران:١٤٠].
قال ابن كثير رحمه الله: تمر بنا الأيام تترا، وإنما نساق إلى الآجال والعين تنظر.
إن الدقائق والثواني التي ذهبت من أعمارنا لن تعود، ولو أنفقنا جبال الأرض ذهباً وفضة.
واعلم أن الأنفاس معدودة والآجال محدودة، واعلم أن من أعظم نعم الله عليك أن مد في عمرك وجعلك تدرك هذا الشهر العظيم، فكم غيب الموت من صاحب، ووارى الثرى من حبيب، فتذكر من صام معنا العام الماضي وصلى العيد، ثم أين هو الآن بعد أن غيبه الموت؟!.
اجعل واجعلي لك من هذا الحديث نصيباً، قال صلى الله عليه وسلم:(اغتنم خمساً قبل خمس: اغتنم حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك)، رواه الحاكم.
احرص رعاك الله! أن تكون من خيار الناس كما قال صلى الله عليه وسلم وأخبر حين سئل: أي الناس خير؟ أي الناس خير؟ قال:(من طال عمره وحسن عمله).