للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم دخول النساء الإنترنت من أجل الدعوة]

السؤال

ما حكم دخول النساء الإنترنت من أجل الدعوة؟ الجوب: الإنترنت فيه خير كثير، لكن عندنا مصيبة وهي: أننا نسيء استخدام الوسائل، فبدلاً من أن تنفعنا تنقلب ضدنا، وأغلى ما أملك أنا وأنت هو الدين، فلا أخاطر بديني في أي حال من الأحوال، أحد الناس أعرفه كان صالحاً من الصالحين، لكنه توسع في قضية الانترنت، يقول: نقلت إلى منطقة نائية فأخذت الجهاز معي، فبدأت أتدرج شيئاً فشيئاً، والشيطان لا يأتيك ويقول لك: اعص الله من أول وهلة، بل يأتيك ويقول لك: ادعهم، وبيِّن لهم، فيدخل عليك من هذا المدخل، يقول: شيئاً فشيئاً وجدت نفسي أنحرف، ثم وجدت نفسي قد تركت الدعوة تماماً ودخلت إلى مواقع الرذيلة، والآن يقول: ماذا أصنع؟ فنقول له: لا تستسلم، فأنت الآن تغرق، فهل تريد أن تغرق إلى النهاية؟ فالمشكلة يا إخوان! أننا قد نصل إلى قمة الجبل، لكن لا نستطيع أن نمكث هناك فلابد أن ننزل بعض الشيء، لكن لو انحدرت من قمة الجبل شيئاً ثم راجعت الحسابات فإنك سترجع، لكن مشكلتنا أننا ننحدر فلا نراجع الحسابات، ثم يزيد الانحدار فلا نراجع الحسابات، ثم نصل إلى سفح الجبل فننظر إلى القمة وقد صارت بعيدة، ويمكن الرجوع فليس بمستحيل، ولكنه صعب، ولو أني تداركت الأمر من أول مرة لرجعت بسهولة، ففكر في كلامي هذا، ولا تخاطر بالدين، حتى ولو كان من باب الدعوة، فإن كانت الدعوة ستفتح عليك أبواباً من الشر فلا، وخاصة الفتيات فإنهن يدخلن بنية صادقة، لكن يتجرأ عليهن السفهاء وشيئاً فشياً تخسر أشياء كثيرة، والإنسان ليس مطالباً بإنقاذ الناس على حساب نفسه، {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [البقرة:٢٧٢]، وقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم! أصلح لي ديني)، (اللهم! احفظني في ديني)، (اللهم! لا تجعل مصيبتي في ديني)، فأمر الدنيا يهون، لكن إذا صارت المصيبة في الدين فهي عظيمة، واسمع هذه القصة: كان هناك مؤذن يرقى المئذنة للأذان في بلاد مصر، وكان هناك مسلمون وأقباط، وقد نهى الله تعالى عن الالتفات والتكشف على بيوت الناس، فخالف الأوامر، وهذه هي مصيبتنا: مخالفة الأوامر، فالله يقول: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور:٣٠]، وذلك حتى لا نهلك مع الهالكين، ويوم أحد دخل في النفس أثارة من دنيا، فقالوا: الغنيمة الغنيمة، وخالفوا أمر الوقوف على الجبل فانقلبت الموازين، وأما اليوم فالمخالفات في الأمة لا تعد ولا تحصى، فقيل لهذا المؤذن: لا تلتفت، فالتفت يوماً فإذا بنصرانية قبطية من أجمل النساء، فبدلاً من أن يرفع الأذان تمادى في النظر، ولو أنه غض بصره من أول مرة لأورثه الله إيماناً في قلبه، قيل للحسن: كيف نستعين على غض البصر؟ قال: أن تعلم أن نظر الله إليك أسرع من نظرك إلى المنظور إليه.

ويقول ابن عباس: إن الرجل تمر عليه المرأة وهو يريد أن ينظر إليها، فيمر عليه القوم فيغض البصر من أجلهم، والله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، فالله يعلم أن في قرارت نفسه أنه يريد أن ينظر إلى الحرام، فالرجل المؤذن بدلاً من أن يرفع الأذان تمادى في النظر، فنزل يطرق عليها الباب يطلبها لريبة، فقالت: لا أجيبك إلى ريبة، قال: أتزوجك؟ قالت: أنت مسلم وأنا نصرانية كافرة وأبي لا يزوجني إياك، قال: أتنصر، قالت: إن فعلت قبلنا، فتنصر - والعياذ بالله- فوافقوا عليه، فبينما هو يمشي في ذلك اليوم زلت قدمه فسقط على رأسه ميتاً، فخسر الدنيا والآخرة.

إن مصيبة الدين مصيبة عظيمة، {وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الشورى:٤٥]، فاحفظ دينك بارك الله فيك، {لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة:١٩٥]، ولا تورد نفسك المهالك والمخاطر، ولا تظلم نفسك فالعاصي ظلم نفسه؛ لأنه أوردها عذاب الله، فلنتق الله في الخلوات، فلا تظهر حقيقةُ الإيمان إلا في الخلوات، وأما بعضنا البعض فكلنا يتزين للآخر، لكن متى يظهر صدق إيماني وإيمانك؟! يظهر ذلك إذا خلونا بعيداً عن أعين الناس، (إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسامكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم)، أسأل الله أن يصلح لنا السر والسريرة.