فالمطلوب منك ومنك ومني: تحقيق تقوى الله جل في علاه، فهي الغاية المنشودة والصفة المفقودة، قال سبحانه:{وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ}[النساء:١٣١]، وقال صلى الله عليه وسلم:(اتق الله حيثما كنت)، والتقوى في أبسط معانيها: فعل المأمور وترك المحذور.
فهل ترانا حققنا هذا بصيامنا؟! أم نحن ممن بالنهار يتقيه وبالليل يعصيه؟! كتب عمر بن عبد العزيز إلى رجل: أوصيك بتقوى الله عز وجل التي لا يقبل غيرها، ولا يرحم إلا أهلها، ولا يثيب إلا عليها، فإن الواعظين بها كثير، والعاملين بها قليل جعلني الله وإياكم من المتقين.
تقوى الله أكرم ما أسررت، وأزين ما أظهرت، وأفضل ما ادخرت، {وَالآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ}[الزخرف:٣٥].
فإليك موجزاً وبعضاً من أخبار المتقين: قال البخاري: ما اغتبت مسلماً منذ احتلمت.
وقال الشافعي: ما حلفت بالله صادقاً ولا كاذباً، ولو أعلم أن الماء يفسد علي مروءتي ما شربته.
قيل لـ محمد بن واسع: لم لا تتكئ؟! قال: إنما يتكئ الآمن وأنا لا زلت خائفاً.
وقرئ على عبد الله بن وهب:{وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ}[غافر:٤٧]، فسقط مغشياً عليه.
وحج مسروق فما نام إلا ساجداً.
وقال أحدهم: ما كذبت منذ علمت أن الكذب يضر أهله.
وقال أبو سليمان الدارني: كل يوم وأنا أنظر في المرآة هل اسود وجهي من الذنوب؟ هذا حالهم فكيف هو حالي وحالك؟! لبسنا الجديد، وأكلنا الثريد، ونسينا الوعيد، وأملنا الأمل البعيد! رحماك يا رب! لماذا تريد الحياة؟! لماذا تعشق العيش؟! إذا لم تدمع العينان من خشية الله جل في علاه! إذا لم نمدح الله في السحر! إذا لم نزاحم بالركب في حلق الذكر! إذا لم نصم الهواجر، ونخفي الصدقات! هل العيش إلا هذا؟! قالوا: إذا لم تستطع قيام الليل وصيام النهار، فاعلم أنك محروم، قال سبحانه:{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ}[القمر:٥٤ - ٥٥].