إن الموظف في الشركة إذا أعطوه سيارة يقودها لقضاء حوائج الشركة فإنها أمانة، ورأيت بأم عيني من يسيء استخدام تلك الأمانة ظاناً أنه ليس عليه رقيب.
أحبتي! إن البشر لا يستطيعون مراقبة البشر في كل شأن من شئونهم فإن لم نستشعر أن الحسيب هو الله فلن نؤدي الحقوق، ولن نحفظ أمانات، ومن أعظم ما استؤمنت أنا وأنت عليه: أمانة الدين، والتوحيد الذي لن ينجو يوم القيامة إلا من جاء به خالص لله.
فعند البخاري من حديث معاذ رضي الله عنه قال:(بينما كنت أسير مع النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا معاذ! أتدري ما حق الله على العباد؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، ثم مضى، ثم قال بعد ساعة: يا معاذ! أتدري ما حق العباد على الله إن هم فعلوا؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: حقهم عليه ألا يعذبهم)، وإن لم يعذبهم دخلوا الجنة.
ومن حقوق التوحيد: المحافظة على الصلوات، والقيام بالواجبات، والانتهاء عن المحرمات، وأسألك هنا سؤالاً: هل حافظت على الأمانة في فجر هذا اليوم أم كنت من المضيعين؟ هل صليت الفجر في جماعة المسلمين حفاظاً على أمانة الله التي استأمنك عليها أم كنت مع النائمين المضيعين؟ فاتقوا الله عباد الله! فالدين أعظم ما استؤمنا عليه، فإن حافظنا على ديننا وحفظنا حقوق ربنا فسنحافظ على حقوق الآخرين، فمن حافظ على الصلوات والأوامر، وترك المنهيات حفظ حقوق الآخرين.
فهذه كلمة إلى الذين يتصدرون المسئوليات ويتأمرون على المسلمين: اعلم -بارك الله فيك- أن المسئولية أمانة، وأنها يوم القيامة خزي وعار وندامة، فقد جاء أبو ذر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله! استعملني على بعض أمورك، قال:(يا أبا ذر! أنت ضعيف، والمسئولية أمانة، وهي خزي وعار وندامة يوم القيامة) إلا أن يقوم بحقها كما قام يوسف حين قال: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ}[يوسف:٥٥].
فإلى أولئك الذين يتصدرون المسئوليات، ويترأسون على أبناء المسلمين: اتقوا الله في أبناء المسلمين، وأدوا الأمانة فيما استرعاكم الله، فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته.