وقد أمرنا الله بالاستغفار في كل حال، قال تعالى:{ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[البقرة:١٩٩]، وقال متعجباً من حال الناس:{أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[المائدة:٧٤]، وقال:{وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[المزمل:٢٠]، وما دعا الله الأنبياء وأقوامهم إلا إلى الاستغفار فهذا محمد صلى الله عليه وسلم يؤمر بإعلان التوحيد وبالاستغفار من الشرك، قال تعالى:{الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ * أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ * وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ * إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ}[هود:١ - ٥] إلى آخر الآيات.
فأمرنا الله بالتوحيد ثم بالاستغفار بعده، فمن منا لم يخطئ قط؟ كلنا صاحب ذنب وخطأ.
ماذا تريد من هذه الحياة؟ أنت تسعى من الصباح حتى المساء ألا تريد داراً؟ ألا تريد مالاً؟ ألا تريد عيالاً؟ ألا تريد زوجة؟ ألا تريد قضاء حاجات من حوائج الدنيا؟ ستنالها بإذن الله إذا صدقت في الاستغفار، قال الله على لسان نوح:{فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا}[نوح:١٠ - ١٢].
جاء رجل إلى الحسن البصري فقال: انقطع المطر فماذا نصنع؟ قال: أكثر من الاستغفار، وجاء رجل يشكو الفقر فقال له: أكثر من الاستغفار، وجاءه رجل يريد الذرية، فقال له: أكثر من الاستغفار، فقال الجالس له: عجباً لك يا أبا سعيد! جاءك هذا يطلب كذا فقلت: أكثر من الاستغفار، وجاءك هذا يطلب كذا، فقلت: أكثر من الاستغفار، وجاءك ذاك يطلب كذا، فقلت: أكثر من الاستغفار، قال: هذا هو العلاج، أما قال الله:{فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا}[نوح:١٠ - ١٢].
عجيب أمرنا! فلله ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى، ثم لا نرجوه في حاجاتنا، ولماذا هذا؟ لأننا ما صدقنا في التعامل معه، ولذلك حين أُخبر أحد الصالحين بما حدث من ارتفاع في الأسعار قال: كيف أخاف الفقر أو أخشاه وسيدي له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى؟ أنت تتوكل على الغني، على القوي، على العزيز، {مَا عِنْدَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ}[النحل:٩٦]، وقال سبحانه:{وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ}[هود:٦١].